أكتوبر 16, 2023    |   مشاهدات                  |   تحميل التقرير PDF    |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

اعداد وحدة الدعم بالقانون الدولي في البرنامج السوري للتطوير القانوني و مكتب سوريا الإقليمي في مركز دياكونيا للقانون الدولي الإنساني
تاريخ الإصدار 17 تشرين الأول 2023

. الملخص التنفيذي

في كانون الثاني/ يناير 2022، رأت محكمة كوبلنز الإقليمية العليا أنّ السلطات السورية ارتكبت بشكل منهجي التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (سوء المعاملة) في مراكز الاحتجاز. (1) منذ بدء الانتفاضة في عام 2011 والنزاع المسلح الذي تلاها وثّقت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية على نطاق واسع استخدام السلطات السورية، ولا سيما أجهزة الاستخبارات والأمن، التعذيب ضد المدنيين، بمن فيهم المعارضون السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان. كما وثّقت لجنة التحقيق استخدام التعذيب وسوء المعاملة من قبل الجماعات المسلحة من غير الدول، مثل الجيش السوري الحر، والجيش الوطني السوري، وقوات سوريا الديمقراطية، وهيئة تحرير الشام، والدولة الإسلامية في العراق والشام.

وقد دأبَ وكلاء الدولة المسؤولون عن هذه الأفعال على التهرُّب من العدالة مستفيدين من العقبات الهيكلية والتشريعية التي تحول دون إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة، والتي تأسَسَت ظاهرة الإفلات من العقاب. كما لم يجرِ التحقيق في أفعال التعذيب وسوء المعاملة التي ترتكبها الجماعات المسلحة من غير الدول أو مقاضاة مرتكبيها. وهذا ينتهك التزام الدولة بالتحقيق في مزاعم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ومقاضاة الجناة المشتبه بهم، وتوفير سبل انتصافٍ فعَّالة للضحايا. ونتيجة لذلك، تُرِك ضحايا التعذيب وسوء المعاملة والناجين منه دون إمكانية الحصول على سبل الانتصاف أو التعويضات أو الاعتراف بأضرارهم وتجاربهم.

ودأبت السلطات السورية على نفي ادّعاءات التعذيب وسوء المعاملة، زاعمةً أنّ المحتجزين يعامَلون معاملة إنسانية وأنّ التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون بالشكل المناسب. كما زعمت السلطات السورية أنّ اتفاقية مناهضة التعذيب جزء من تشريعاتها المحلية ولها الأسبقية على القوانين الوطنية في حالة النزاع. ومع ذلك، على رغم ادّعاء السلطات السورية أنّ القوانين المحلية كانت كافية بالفعل لتجريم التعذيب، فقد سنَّت قانون تجريم التعذيب المؤرخ 29 آذار/ مارس 2022 (يشار إليه فيما يلي بقانون تجريم التعذيب). ولئن كان القانون الجديد يفرض عقوبات أكثر صرامة ويمكن اعتباره خطوة إيجابية نحو تجريم التعذيب بشكل شامل في سوريا، إلا أنّه لا يمكن قراءته بمعزل عن القوانين الأخرى المعمول بها، ولا سيما تلك التي تمنح الحصانة لموظفي الدولة.

تحلل هذه الورقة فشل السلطات السورية في الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي على الرغم من اعتماد قانون تجريم التعذيب الجديد. وتجادل الورقة بأنّ قانون تجريم التعذيب الجديد فَشِل في:

– ضمان الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على النحو المطلوب بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والتزامات سوريا بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

– التجريم الصريح للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على النحو المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب، وبالتالي عرقلة الاعتراف بضحايا سوء المعاملة على هذا النحو أمام القانون وعرقلة وصولهم تالياً إلى سُبل الانتصاف والعدالة.

– معالجة الاختفاء القسري كشكل من أشكال التعذيب، وبالتالي عدم الاعتراف بالأثر المحدد للاختفاء القسري على الأسر السورية وتوفير سبل الانتصاف لضحايا الاختفاء القسري وأسرهم.

– وضع حد للإفلات من العقاب الذي يتمتع به أفراد الجيش السوري واستخباراته وقوى الأمن الداخلي ومديرية المخابرات العامة، وبالتالي انتهاك حق الضحايا في التحقيق والوصول إلى الانتصاف القضائي.

– توفير الإنصاف والجبر الكاملَين والفعالَين لضحايا التعذيب، بما في ذلك ردُّ الحقوق والتعويض وإعادة التأهيل والترضية والحق في معرفة الحقيقة وضمانات عدم التكرار.

تجادل هذه الورقة بأنّ ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في سوريا سيظلون يواجهون عقبات كبيرة في السعي لتحقيق العدالة والإنصاف على الرغم من قانون تجريم التعذيب الجديد. وتثير مسألة تطبيق القانون بأثر رجعي على ادّعاءات التعذيب السابقة مخاوف بشأن حماية الجناة بمزيد من الحصانة وكذلك بشأن كفاية القانون نفسه لمقاضاة مرتكبي تلك الجرائم وإنصاف الضحايا. علاوة على ذلك، فإنّ فرض عقوبات أكثر صرامة لا يكفي وحده لمعالجة الاستخدام المنهجي للتعذيب في سوريا. ثمّة حاجة إلى تدابير أكثر شمولاً لمعالجة الانتهاكات السابقة، ومعالجة الأسباب الجذرية للتعذيب، ومحاسبة الجناة، وتوفير الجبر والتعويض للضحايا، وضمان عدم التكرار. يُخفِقُ قانون تجريم التعذيب الجديد في معالجة هذه القضايا الحرجة، إذ يتعامل مع التعذيب على أنه استثناء وليس سياسة واسعة النطاق ومنهجية في سوريا.


محكمة كوبلنز الإقليمية العليا، السجن مدى الحياة بسبب الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والقتل – الحكم على عضو مشتبه به في الاستخبارات السرية السورية (17 كانون الثاني/يناير 2022) متاح على:
https://olgko.justiz.rlp.de/presse-aktuelles/detail/life-imprisonment-due-to-crimes-committed-against-humanity-and-murder-sentencing-of-a-suspected-member-of-the-syrian-secret-service

لا عدالة للتعذيب في سوريا : تحليل لقانون تجريم التعذيب لعام 2022 من خلال منظور حقوق الضحايا

أكتوبر 16, 2023    |   مشاهدات                  |   تحميل التقرير PDF    |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

اعداد وحدة الدعم بالقانون الدولي في البرنامج السوري للتطوير القانوني و مكتب سوريا الإقليمي في مركز دياكونيا للقانون الدولي الإنساني
تاريخ الإصدار 17 تشرين الأول 2023

. الملخص التنفيذي

في كانون الثاني/ يناير 2022، رأت محكمة كوبلنز الإقليمية العليا أنّ السلطات السورية ارتكبت بشكل منهجي التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (سوء المعاملة) في مراكز الاحتجاز. (1) منذ بدء الانتفاضة في عام 2011 والنزاع المسلح الذي تلاها وثّقت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية على نطاق واسع استخدام السلطات السورية، ولا سيما أجهزة الاستخبارات والأمن، التعذيب ضد المدنيين، بمن فيهم المعارضون السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان. كما وثّقت لجنة التحقيق استخدام التعذيب وسوء المعاملة من قبل الجماعات المسلحة من غير الدول، مثل الجيش السوري الحر، والجيش الوطني السوري، وقوات سوريا الديمقراطية، وهيئة تحرير الشام، والدولة الإسلامية في العراق والشام.

وقد دأبَ وكلاء الدولة المسؤولون عن هذه الأفعال على التهرُّب من العدالة مستفيدين من العقبات الهيكلية والتشريعية التي تحول دون إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة، والتي تأسَسَت ظاهرة الإفلات من العقاب. كما لم يجرِ التحقيق في أفعال التعذيب وسوء المعاملة التي ترتكبها الجماعات المسلحة من غير الدول أو مقاضاة مرتكبيها. وهذا ينتهك التزام الدولة بالتحقيق في مزاعم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ومقاضاة الجناة المشتبه بهم، وتوفير سبل انتصافٍ فعَّالة للضحايا. ونتيجة لذلك، تُرِك ضحايا التعذيب وسوء المعاملة والناجين منه دون إمكانية الحصول على سبل الانتصاف أو التعويضات أو الاعتراف بأضرارهم وتجاربهم.

ودأبت السلطات السورية على نفي ادّعاءات التعذيب وسوء المعاملة، زاعمةً أنّ المحتجزين يعامَلون معاملة إنسانية وأنّ التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون بالشكل المناسب. كما زعمت السلطات السورية أنّ اتفاقية مناهضة التعذيب جزء من تشريعاتها المحلية ولها الأسبقية على القوانين الوطنية في حالة النزاع. ومع ذلك، على رغم ادّعاء السلطات السورية أنّ القوانين المحلية كانت كافية بالفعل لتجريم التعذيب، فقد سنَّت قانون تجريم التعذيب المؤرخ 29 آذار/ مارس 2022 (يشار إليه فيما يلي بقانون تجريم التعذيب). ولئن كان القانون الجديد يفرض عقوبات أكثر صرامة ويمكن اعتباره خطوة إيجابية نحو تجريم التعذيب بشكل شامل في سوريا، إلا أنّه لا يمكن قراءته بمعزل عن القوانين الأخرى المعمول بها، ولا سيما تلك التي تمنح الحصانة لموظفي الدولة.

تحلل هذه الورقة فشل السلطات السورية في الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي على الرغم من اعتماد قانون تجريم التعذيب الجديد. وتجادل الورقة بأنّ قانون تجريم التعذيب الجديد فَشِل في:

– ضمان الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على النحو المطلوب بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والتزامات سوريا بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

– التجريم الصريح للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على النحو المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب، وبالتالي عرقلة الاعتراف بضحايا سوء المعاملة على هذا النحو أمام القانون وعرقلة وصولهم تالياً إلى سُبل الانتصاف والعدالة.

– معالجة الاختفاء القسري كشكل من أشكال التعذيب، وبالتالي عدم الاعتراف بالأثر المحدد للاختفاء القسري على الأسر السورية وتوفير سبل الانتصاف لضحايا الاختفاء القسري وأسرهم.

– وضع حد للإفلات من العقاب الذي يتمتع به أفراد الجيش السوري واستخباراته وقوى الأمن الداخلي ومديرية المخابرات العامة، وبالتالي انتهاك حق الضحايا في التحقيق والوصول إلى الانتصاف القضائي.

– توفير الإنصاف والجبر الكاملَين والفعالَين لضحايا التعذيب، بما في ذلك ردُّ الحقوق والتعويض وإعادة التأهيل والترضية والحق في معرفة الحقيقة وضمانات عدم التكرار.

تجادل هذه الورقة بأنّ ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في سوريا سيظلون يواجهون عقبات كبيرة في السعي لتحقيق العدالة والإنصاف على الرغم من قانون تجريم التعذيب الجديد. وتثير مسألة تطبيق القانون بأثر رجعي على ادّعاءات التعذيب السابقة مخاوف بشأن حماية الجناة بمزيد من الحصانة وكذلك بشأن كفاية القانون نفسه لمقاضاة مرتكبي تلك الجرائم وإنصاف الضحايا. علاوة على ذلك، فإنّ فرض عقوبات أكثر صرامة لا يكفي وحده لمعالجة الاستخدام المنهجي للتعذيب في سوريا. ثمّة حاجة إلى تدابير أكثر شمولاً لمعالجة الانتهاكات السابقة، ومعالجة الأسباب الجذرية للتعذيب، ومحاسبة الجناة، وتوفير الجبر والتعويض للضحايا، وضمان عدم التكرار. يُخفِقُ قانون تجريم التعذيب الجديد في معالجة هذه القضايا الحرجة، إذ يتعامل مع التعذيب على أنه استثناء وليس سياسة واسعة النطاق ومنهجية في سوريا.


محكمة كوبلنز الإقليمية العليا، السجن مدى الحياة بسبب الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والقتل – الحكم على عضو مشتبه به في الاستخبارات السرية السورية (17 كانون الثاني/يناير 2022) متاح على:
https://olgko.justiz.rlp.de/presse-aktuelles/detail/life-imprisonment-due-to-crimes-committed-against-humanity-and-murder-sentencing-of-a-suspected-member-of-the-syrian-secret-service