ابريل 30, 2025    |   

الالتزامات الواقعة على عاتق الدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان تشمل ثلاثة أنواع مختلفة من الالتزامات: الالتزام بالاحترام، والالتزام بالحماية، والالتزام بإنفاذ كل حق من حقوق الإنسان.

الالتزام بالحماية له أهمية خاصة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب من قبل جماعات غير مرتبطة رسميًا بالدولة، إذ يفرض على الدولة حماية حقوق الإنسان للأفراد ضمن نطاق ولايتها من أي فعل قد ينتهك تمتعهم بهذه الحقوق، حتى وإن ارتكبه فاعلون من غير الدولة أو جهات خاصة لا ترتبط بها.

الالتزام بالحماية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان
يتطلب الالتزام بالحماية من الدولة اتخاذ تدابير إيجابية وفعّالة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان، وحماية الأفراد الخاضعين لولايتها من هذه الانتهاكات. كما يتطلب من الدولة الاستجابة بشكل مناسب لأي انتهاكات محددة لحقوق الإنسان، سواء كانت جارية أو قد حدثت بالفعل.

1. عنصر الوقاية
يتطلب الالتزام بالحماية من الدول اتخاذ “تدابير معقولة” لحماية السكان من الأذى. ورغم صعوبة تحديد المضمون الدقيق لمصطلح “تدابير معقولة”، إلا أن هناك بعض العناصر العامة التي حددها القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

– التدابير الوقائية العامة:
ينبغي على الدول أن تضمن تهيئة الظروف اللازمة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان، وأن تعتمد جميع الوسائل ذات الطابع السياسي، القانوني، والثقافي التي تعزز حماية حقوق الإنسان وتضمن تجريم أي انتهاك. وهذا يعني تجريم السلوكيات الفردية التي ترقى إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، وكذلك اعتماد سياسات تهدف إلى الحد من أنواع معينة من العنف. وتُعد هذه التدابير من الالتزامات التي يتعين على الدولة اتخاذها بشكل عام، وليس كرد فعل مباشر على حوادث أو حالات معينة.

ويتطلب ذلك من الدول اتخاذ تدابير مناسبة لمعالجة الظروف العامة في المجتمع التي قد تؤدي إلى تهديدات مباشرة لانتهاكات حقوق الإنسان. وقد تشمل هذه الظروف العامة، على سبيل المثال، وجود خطاب طائفي أو خطاب كراهية، أو ثقافة التحريض، أو الانتشار الواسع للأسلحة في المجتمع.

في إطار التزاماتها الوقائية العامة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يمكن للحكومة السورية أن تنظر في اعتماد مجموعة من التدابير الهيكلية والمعيارية التي تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للعنف القائم على الهوية وتعزيز ثقافة عدم التمييز والمساءلة. وقد تشمل هذه التدابير ما يلي:

● تجريم الدعوة إلى الكراهية الطائفية أو الدينية
التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف، وفرض العقوبات المناسبة على الأفراد والمجموعات التي تنخرط في نشر مثل هذه الرسائل الضارة.


● الترويج النشط للخطاب المضاد
من خلال التعليم العام، والحملات الإعلامية الوطنية، والبيانات الرسمية التي تدين الخطاب الطائفي وتؤكد التزام الدولة بالوحدة والتسامح والكرامة المتساوية لجميع المكونات المجتمعية.

● رصد خطاب الكراهية والعنف المنظم أو أنماط الانتهاكات
التي قد تتصاعد لتشكل انتهاكًا للحقوق الأساسية، لا سيما الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي.

● إدماج التدريب الإلزامي على حقوق الإنسان
لجميع أفراد أجهزة إنفاذ القانون، والعسكريين، والمسؤولين العموميين، إلى جانب وضع قواعد اشتباك واضحة وملزمة. سيساهم ذلك في ضمان أن يعمل جميع وكلاء الدولة ضمن إطار القانون وتحت إشراف فعّال، ووفقًا للمعايير القانونية الدولية، وألا يمارس أي فرد سلطة تتعارض مع التزامات الدولة القانونية أو خارج نطاق سلطتها الشرعية.

– التدابير الوقائية المحددة:
تلتزم الدول باتخاذ تدابير محددة وقائية لحماية الأفراد الذين قد تكون حياتهم معرضة للخطر نتيجة لأفعال إجرامية من قبل أفراد آخرين. وتُشترط هذه التدابير المحددة بمدى علم الدولة بالخطر الذي ينبغي عليها أن تحمي الأفراد منه، على النحو التالي:

● في الحالات التي يكون فيها الأشخاص في أوضاع هشّة معرضين للخطر “بسبب تهديدات محددة أو أنماط عنف سابقة الوجود”، تكون الدولة ملزمة باتخاذ تدابير وقائية محددة لحماية هؤلاء الأفراد من انتهاكات حقوق الإنسان.

● في الحالات التي تكون فيها الدولة في موقع يمكنها من التأثير المباشر على منع تحقق هذا الخطر، تكون الدولة مطالبة باتخاذ تدابير وقائية محددة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان.

في كلا السياقين، يُطلب من الدولة استجابة نشطة للتهديدات المتوقعة لانتهاكات حقوق الإنسان، خاصة في الحالات التي تكون فيها استجابة فعالة ومناسبة متاحة ومعقولة.

2. عنصر الاستجابة المناسبة
عندما يتحقق تهديد للحياة، قد تُلزم الدولة بالاستجابة له من خلال عمليات عسكرية أو أمنية محددة. وعند التخطيط لمثل هذه العمليات وتنفيذها – وخاصة تلك التي قد تعرّض المزيد من الأرواح للخطر – تلتزم الدولة بأقصى درجات الحذر في اختيار الوسائل والأساليب التي يستخدمها المسؤولون الرسميون.

لا شك أن للدولة الحق والواجب في ضمان أمنها، إلا أن سلطة الدولة ليست غير محدودة، بل تخضع للقانون والأخلاق. ولهذا السبب، ينبغي أن تتم عملية التخطيط والتنفيذ بشكل عام تحت إشراف السلطات وبطريقة تقلل قدر الإمكان من مخاطر الإضرار بالأرواح.

بعد وقوع انتهاك للحق في الحياة، تتحمل الدولة واجب التحقيق، وإذا اقتضى الأمر، ملاحقة الأفراد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان من خلال تحقيقات مستقلة وفعّالة وعادلة. كما يُطلب منها اتخاذ خطوات إضافية لضمان عدم تكرار مثل هذه

الانتهاكات، بما في ذلك اتخاذ جميع التدابير القانونية والمؤسساتية اللازمة لمعالجة الأسباب والعوامل التي أدت إلى وقوع الانتهاكات في المقام الأول.

مسؤولية الدولة عن الفشل في الحماية

عندما تفشل الدولة في التصرف بالجدية الواجبة لحماية الأفراد من أفعال ترتكبها جهات غير حكومية، أو في الاستجابة لها بشكل مناسب، يمكن تحميلها المسؤولية عن انتهاك الحق المعني. في الواقع، فإن أي عمل غير قانوني ينتهك حقوق الإنسان – حتى وإن لم يكن منسوبًا مباشرة إلى الدولة – يمكن أن يؤدي إلى مسؤولية تقع على عاتق الدولة، ليس بسبب الفعل ذاته، بل بسبب الإخفاق في بذل العناية الواجبة لمنع هذا الانتهاك أو الاستجابة له كما هو مطلوب.

ومع ذلك، فإن تحميل الدولة المسؤولية عن الفشل في الحماية يتطلب عادة تقييمًا حول ما إذا كانت الدولة مُلزمة باتخاذ تدابير وقائية محددة في المقام الأول، وإذا كان الجواب نعم، فهل فشلت في اعتمادها بطريقة جدية ومناسبة.

إن من مصلحة الدولة السورية – ومن مصلحة المجتمع السوري ككل – أن تضمن السلطات الحالية التزامها الجاد بواجبها في حماية جميع الأفراد الخاضعين لولايتها من انتهاكات حقوق الإنسان , وإتخاذ كافة التدابير الممكنة للتأكد من جهوزيتها لاحترام وحماية وإنفاذ كل حق من حقوق الإنسان لضمان مستقبل أفضل لسوريا قائم على حقوق الإنسان وسيادة القانون.

الالتزامات الواقعة على عاتق الدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان

ابريل 30, 2025    |   

الالتزامات الواقعة على عاتق الدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان تشمل ثلاثة أنواع مختلفة من الالتزامات: الالتزام بالاحترام، والالتزام بالحماية، والالتزام بإنفاذ كل حق من حقوق الإنسان.

الالتزام بالحماية له أهمية خاصة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب من قبل جماعات غير مرتبطة رسميًا بالدولة، إذ يفرض على الدولة حماية حقوق الإنسان للأفراد ضمن نطاق ولايتها من أي فعل قد ينتهك تمتعهم بهذه الحقوق، حتى وإن ارتكبه فاعلون من غير الدولة أو جهات خاصة لا ترتبط بها.

الالتزام بالحماية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان
يتطلب الالتزام بالحماية من الدولة اتخاذ تدابير إيجابية وفعّالة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان، وحماية الأفراد الخاضعين لولايتها من هذه الانتهاكات. كما يتطلب من الدولة الاستجابة بشكل مناسب لأي انتهاكات محددة لحقوق الإنسان، سواء كانت جارية أو قد حدثت بالفعل.

1. عنصر الوقاية
يتطلب الالتزام بالحماية من الدول اتخاذ “تدابير معقولة” لحماية السكان من الأذى. ورغم صعوبة تحديد المضمون الدقيق لمصطلح “تدابير معقولة”، إلا أن هناك بعض العناصر العامة التي حددها القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

– التدابير الوقائية العامة:
ينبغي على الدول أن تضمن تهيئة الظروف اللازمة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان، وأن تعتمد جميع الوسائل ذات الطابع السياسي، القانوني، والثقافي التي تعزز حماية حقوق الإنسان وتضمن تجريم أي انتهاك. وهذا يعني تجريم السلوكيات الفردية التي ترقى إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، وكذلك اعتماد سياسات تهدف إلى الحد من أنواع معينة من العنف. وتُعد هذه التدابير من الالتزامات التي يتعين على الدولة اتخاذها بشكل عام، وليس كرد فعل مباشر على حوادث أو حالات معينة.

ويتطلب ذلك من الدول اتخاذ تدابير مناسبة لمعالجة الظروف العامة في المجتمع التي قد تؤدي إلى تهديدات مباشرة لانتهاكات حقوق الإنسان. وقد تشمل هذه الظروف العامة، على سبيل المثال، وجود خطاب طائفي أو خطاب كراهية، أو ثقافة التحريض، أو الانتشار الواسع للأسلحة في المجتمع.

في إطار التزاماتها الوقائية العامة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يمكن للحكومة السورية أن تنظر في اعتماد مجموعة من التدابير الهيكلية والمعيارية التي تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للعنف القائم على الهوية وتعزيز ثقافة عدم التمييز والمساءلة. وقد تشمل هذه التدابير ما يلي:

● تجريم الدعوة إلى الكراهية الطائفية أو الدينية
التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف، وفرض العقوبات المناسبة على الأفراد والمجموعات التي تنخرط في نشر مثل هذه الرسائل الضارة.


● الترويج النشط للخطاب المضاد
من خلال التعليم العام، والحملات الإعلامية الوطنية، والبيانات الرسمية التي تدين الخطاب الطائفي وتؤكد التزام الدولة بالوحدة والتسامح والكرامة المتساوية لجميع المكونات المجتمعية.

● رصد خطاب الكراهية والعنف المنظم أو أنماط الانتهاكات
التي قد تتصاعد لتشكل انتهاكًا للحقوق الأساسية، لا سيما الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي.

● إدماج التدريب الإلزامي على حقوق الإنسان
لجميع أفراد أجهزة إنفاذ القانون، والعسكريين، والمسؤولين العموميين، إلى جانب وضع قواعد اشتباك واضحة وملزمة. سيساهم ذلك في ضمان أن يعمل جميع وكلاء الدولة ضمن إطار القانون وتحت إشراف فعّال، ووفقًا للمعايير القانونية الدولية، وألا يمارس أي فرد سلطة تتعارض مع التزامات الدولة القانونية أو خارج نطاق سلطتها الشرعية.

– التدابير الوقائية المحددة:
تلتزم الدول باتخاذ تدابير محددة وقائية لحماية الأفراد الذين قد تكون حياتهم معرضة للخطر نتيجة لأفعال إجرامية من قبل أفراد آخرين. وتُشترط هذه التدابير المحددة بمدى علم الدولة بالخطر الذي ينبغي عليها أن تحمي الأفراد منه، على النحو التالي:

● في الحالات التي يكون فيها الأشخاص في أوضاع هشّة معرضين للخطر “بسبب تهديدات محددة أو أنماط عنف سابقة الوجود”، تكون الدولة ملزمة باتخاذ تدابير وقائية محددة لحماية هؤلاء الأفراد من انتهاكات حقوق الإنسان.

● في الحالات التي تكون فيها الدولة في موقع يمكنها من التأثير المباشر على منع تحقق هذا الخطر، تكون الدولة مطالبة باتخاذ تدابير وقائية محددة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان.

في كلا السياقين، يُطلب من الدولة استجابة نشطة للتهديدات المتوقعة لانتهاكات حقوق الإنسان، خاصة في الحالات التي تكون فيها استجابة فعالة ومناسبة متاحة ومعقولة.

2. عنصر الاستجابة المناسبة
عندما يتحقق تهديد للحياة، قد تُلزم الدولة بالاستجابة له من خلال عمليات عسكرية أو أمنية محددة. وعند التخطيط لمثل هذه العمليات وتنفيذها – وخاصة تلك التي قد تعرّض المزيد من الأرواح للخطر – تلتزم الدولة بأقصى درجات الحذر في اختيار الوسائل والأساليب التي يستخدمها المسؤولون الرسميون.

لا شك أن للدولة الحق والواجب في ضمان أمنها، إلا أن سلطة الدولة ليست غير محدودة، بل تخضع للقانون والأخلاق. ولهذا السبب، ينبغي أن تتم عملية التخطيط والتنفيذ بشكل عام تحت إشراف السلطات وبطريقة تقلل قدر الإمكان من مخاطر الإضرار بالأرواح.

بعد وقوع انتهاك للحق في الحياة، تتحمل الدولة واجب التحقيق، وإذا اقتضى الأمر، ملاحقة الأفراد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان من خلال تحقيقات مستقلة وفعّالة وعادلة. كما يُطلب منها اتخاذ خطوات إضافية لضمان عدم تكرار مثل هذه

الانتهاكات، بما في ذلك اتخاذ جميع التدابير القانونية والمؤسساتية اللازمة لمعالجة الأسباب والعوامل التي أدت إلى وقوع الانتهاكات في المقام الأول.

مسؤولية الدولة عن الفشل في الحماية

عندما تفشل الدولة في التصرف بالجدية الواجبة لحماية الأفراد من أفعال ترتكبها جهات غير حكومية، أو في الاستجابة لها بشكل مناسب، يمكن تحميلها المسؤولية عن انتهاك الحق المعني. في الواقع، فإن أي عمل غير قانوني ينتهك حقوق الإنسان – حتى وإن لم يكن منسوبًا مباشرة إلى الدولة – يمكن أن يؤدي إلى مسؤولية تقع على عاتق الدولة، ليس بسبب الفعل ذاته، بل بسبب الإخفاق في بذل العناية الواجبة لمنع هذا الانتهاك أو الاستجابة له كما هو مطلوب.

ومع ذلك، فإن تحميل الدولة المسؤولية عن الفشل في الحماية يتطلب عادة تقييمًا حول ما إذا كانت الدولة مُلزمة باتخاذ تدابير وقائية محددة في المقام الأول، وإذا كان الجواب نعم، فهل فشلت في اعتمادها بطريقة جدية ومناسبة.

إن من مصلحة الدولة السورية – ومن مصلحة المجتمع السوري ككل – أن تضمن السلطات الحالية التزامها الجاد بواجبها في حماية جميع الأفراد الخاضعين لولايتها من انتهاكات حقوق الإنسان , وإتخاذ كافة التدابير الممكنة للتأكد من جهوزيتها لاحترام وحماية وإنفاذ كل حق من حقوق الإنسان لضمان مستقبل أفضل لسوريا قائم على حقوق الإنسان وسيادة القانون.

لتحميل التقرير