12 ديسمبر, 2025 | هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة : الإنجليزية

ﻓﻲ اﻟﺪورة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺪى اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻸﻋﻤﺎل وﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ ﺟﻨﯿﻒ اﻟﺸﮭﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻗﺪّﻣَﺖ ﺣﻠﻘﺔ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﻤﻌﻨﻮﻧﺔ »ﺗﻌﺰﯾﺰ اﻟﻤﺴﺎءﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻀﺮر اﻟﺒﯿﺌﻲ: ﻣﺴﺎرات ﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت ﺗﺠﺎرﯾﺔ ﺗﺤﻮّﻟﯿﺔ« ﺗﺬﻛﯿﺮاً ﻗﻮﯾﺎً ﺑﻜﯿﻒ ﺗﻐﯿّﺮ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺣﻮل ﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﺒﯿﺌﺔ ﺑﻌﻤﻖ. ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﺪﻣﯿﺮ اﻟﺒﯿﺌﻲ ﺗُﺆطﱠﺮ ﻛﻤﺸﻜﻠﺔ ﺗﻘﻨﯿﺔ أو ﻗﻄﺎﻋﯿﺔ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﺑﻞ ﺗُﻌﺮَف اﻟﯿﻮم ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﯾﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ أزﻣﺔ ﺣﻘﻮق إﻧﺴﺎن، وﻣﺤﻔﺰٌ ﻟﻼﻧﻌﺪام اﻷﻣﻨﻲ، واﻷھﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ — اﺣﺘﻤﺎلُ أن ﺗﻜﻮن ﺟﺮﯾﻤﺔً دوﻟﯿﺔ.
اﻹطﺎر اﻟﻤﻌﻨﻮي اﻟﻘﺎﺋﻢ ﯾﺤﻤّﻞ اﻟﺠﮭﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ اﻟﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺿﺮر ﺑﯿﺌﻲ. ﺗُﺤ ﱢﺪد ﻣﺒﺎدئ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻟﺘﻮﺟﯿﮭﯿﺔ ﺑﺸﺄن اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ وﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﺗﻮﻗﻌﺎتٍ ﻟﻠﺸﺮﻛﺎت ﺑﻀﺮورة اﺣﺘﺮام ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺒﯿﺌﺔ ﻣﻌﺎً، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺗﻄﺒﯿﻖ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻟﻨﺰاع اﻟﻤﺴﻠّﺢ — وھﻲ ﻗﻮاﻋﺪ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎم ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﻤﺎﯾﺔ اﻟﺒﯿﺌﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺰاﻋﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ وﻏﯿﺮ اﻟﺪوﻟﯿﺔ. وﻓﻲ ﯾﻮﻟﯿﻮ 2022، اﻋﺘﻤﺪت اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻗﺮاراً ﯾﻌﺘﺮف ﺑـﺎﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺑﯿﺌﺔ ﻧﻈﯿﻔﺔ وﺻﺤﯿﺔ وﻣﺴﺘﺪاﻣﺔ، ﻣﺆﻛﺪاً اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﻤﺘﺮاﺑﻄﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﺒﯿﺌﺔ. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻧﻈﺎم روﻣﺎ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﺠﻨﺎﺋﯿﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﯾﻮﻓﺮ ﺣﻤﺎﯾﺔ ﺑﯿﺌﯿﺔ ﻣﺤﺪودة ﻓﻲ ﺳﯿﺎق ﻧﺰاﻋﺎت ﻏﯿﺮ دوﻟﯿﺔ، إﻻ أنّ اﻷﺿﺮار اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻗﺪ ﺗُﻤﺜّﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺎدﯾﺔ ﻟﺠﺮاﺋﻢ أﺧﺮى — ﻣﺜﻞ ﺟﺮﯾﻤﺔ اﻟﻨﮭﺐ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﺗﺒﻘﻰ ھﻨﺎك ﻓﺠﻮة: إذ ﯾَﺼﻌُﺐُ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن أن ﯾﺴﺘﻮﻋﺐَ اﻷذى اﻟﺒﯿﺌﻲ اﻟﻤﺘﻌﻤّﺪ، اﻟﻤﻨﮭﺠﻲ، واﻟﻤﺪﻓﻮع ﺑﻤﻨﻄﻖ اﻟﺮﺑﺢ.
ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ، أدت ﺗﺠﺰﺋﺔ اﻟﺤﻮﻛﻤﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ، وﺗﺪﻣﯿﺮ اﻟﺒﻨﻰ اﻟﺘﺤﺘﯿﺔ، واﻧﮭﯿﺎر إﺷﺮاف اﻟﺪوﻟﺔ إﻟﻰ ﻧﺸﻮء ﺑﻌﺾٍ ﻣﻦ أﺷﺪّ اﻷزﻣﺎت اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﺸﺮﻗﻲ، أدت ﺗﻔﻜﯿﻚ اﻟﺒﻨﯿﺔ اﻟﻨﻔﻄﯿﺔ اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ وﺗﻔﻮﯾﺾ ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻻﺳﺘﺨﺮاج إﻟﻰ ﻣﺘﻌﮭّﺪﯾﻦ ﻣﺮﺗﺒﻄﯿﻦ ﺑﻔﺎﻋﻠﯿﻦ ﻣﺴﻠﺤﯿﻦ ﻏﯿﺮ ﺣﻜﻮﻣﯿﯿﻦ إﻟﻰ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻤﺤﺎرق اﻟﺒﺪاﺋﯿﺔ ﻟﺘﻜﺮﯾﺮ اﻟﻨﻔﻂ. ھﺬه اﻟﻤﺼﺎﻓﻲ اﻻرﺗﺠﺎﻟﯿﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﺪﯾﺮھﺎ أﻋﻤﺎل ﻣﺤﻠﯿﺔ وﺷﺒﻜﺎت ﻏﯿﺮ رﺳﻤﯿﺔ، أﻧﺘﺠﺖ ﺳﺤﺒﺎً ﻛﺜﯿﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﺎن اﻟﺴﺎم، وﻧﻮاﺗﺞٍ ﻣﺸﻌﺔ، وﺗﻠﻮﯾﺜﺎً ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف اﻷﻧﮭﺎر. وﻻ ﺗﺰال اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺗﺘﺤﻤﻞ أﻋﺒﺎء ﺻﺤﯿﺔ ﺟﺴﯿﻤﺔ: ﺳﺮطﺎﻧﺎت، ﺣﺎﻻت إﺟﮭﺎض، أﻣﺮاض ﺗﻨﻔﺴﯿﺔ، ﺗﻠﻮث ﻣﺼﺎدر اﻟﺸﺮب، وﺗﺪھﻮر اﻟﺘﺮﺑﺔ. ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ، ﻏﺬّت ﻧﺪرة اﻟﻮﻗﻮد واﻟﯿﺄس اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺳﻮﻗﺎً ﺳﻮداء ﻧﺸﻄﺔ ﻟﻘﻄﻊ اﻷﺷﺠﺎر. رﺑﺤﺖ ﺷﺒﻜﺎتُ ﺗﺠﺎرٍ ﻣﻨﻈّﻤﺔ وﻣﻨﺘﺠﻮ ﻓﺤﻢ اﻟﺨﺸﺐ وﺟﻤﺎﻋﺎتٌ ﻣﺴﻠّﺤﺔ وﻓﺎﻋﻠﻮن ﺗﺠﺎرﯾﻮن ﻣﺮﺗﺒﻄﻮن ﺑﺎﻟﻨﺨﺐ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﯿﺎت ﻗﻄﻊ اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﺎطﻖ ﻣﺘﻌﺪّدة. وزاد ﻣﻦ ﺗﻌﻘﯿﺪ اﻷﻣﺮ أنّ ﻋﺪداً ﻣﻦ ﺣﺮاﺋﻖ اﻟﻐﺎﺑﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻌﻤﺪةً — أﺣﯿﺎﻧﺎً ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﻧﺨﺐٍ ﺗﺠﺎرﯾﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري — ﺑﮭﺪف ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻷراﺿﻲ ﻟﻠﺒﻨﺎء أو ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ أو ﻹﻧﺘﺎج اﻟﻔﺤﻢ اﻟﺮﺑﺤﻲ. ھﺬه اﻟﺤﺮاﺋﻖ ﻣﺤّﺖ ﺳﺒﻞ ﻋﯿﺶ وأﻏﺮﻗﺖ ﻧﻈﻤﺎً إﯾﻜﻮﻟﻮﺟﯿﺔ ھﺸﺔ ﻓﻲ ﺗﻐﯿّﺮ داﺋﻢ.
ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯿﺔ ھﺬا اﻟﺪﻣﺎر اﻟﺒﯿﺌﻲ اﻟﻮاﺳﻊ ﻋﺎﻟﻤﯿﺎً، وﺑﻐﯿﺎب اﻹرادة اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﻘﻮة اﻟﻤﺆﺳﺴﯿﺔ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻘﯿﺪة وﻓﺮض اﻟﻤﺴﺎءﻟﺔ، ﺗﺴﺮّع اﻟﺰﺧﻢ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻛﺠﺮﯾﻤﺔ دوﻟﯿﺔ. اﻗﺘﺮﺣﺖ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺨﺒﺮاء اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻋﺎم 2021 ﺗﻌﺮﯾﻔﺎً ﻣﻔﺎده:
“اﻹﯾﻜﻮﺳﺎﯾﺪ )اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ( ﯾﻌﻨﻲ اﻷﻓﻌﺎل ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ أو اﻟﻌﻤﺪﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺮﺗﻜﺐ ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﺟﻮد اﺣﺘﻤﺎل ﻛﺒﯿﺮ أن ﺗﺘﺴﺒﺐ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺿﺮرٍ ﺷﺪﯾﺪ وواﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق أو طﻮﯾﻞ اﻷﻣﺪ ﻟﻠﺒﯿﺌﺔ”.
أﺷﺎرت ﻛﯿﺖ ﻣﺎﻛﻨﺘﻮش، ﻧﺎﺋﺒﺔ اﻟﺮﺋﯿﺴﺔ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺨﺒﺮاء، إﻟﻰ أن إدراج اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت ﺑﺪأ ﻓﻌﻠﯿﺎً ﻓﻲ ﺑﻠﺠﯿﻜﺎ وﺗﺸﯿﻠﻲ، ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﺗﺘﻘﺪم ﻣﻘﺘﺮﺣﺎت ﺗﺸﺮﯾﻌﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺮازﯾﻞ واﻟﻤﻜﺴﯿﻚ وإﯾﻄﺎﻟﯿﺎ واﺳﻜﺘﻠﻨﺪا وإﺳﺒﺎﻧﯿﺎ ودول أﺧﺮى. وﺑﺤﻠﻮل أﯾﺎر/ﻣﺎﯾﻮ 2026، ﺳﯿُﻄﻠﺐ ﻣﻦ دول اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﺗﺠﺮﯾﻢ ﺳﻠﻮكٍ ﻣﻜﺎﻓﺊٍ ﻟﻤﻔﮭﻮم اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ وﻓﻖ ﺗﻮﺟﯿﮫ ﺟﺪﯾﺪ ﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺒﯿﺌﺔ. وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﻲ، ﻗﺪّﻣﺖ دول ﺻﻐﯿﺮة ﺟﺰر ﻧﺎﻣﯿﺔ — ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﺎﻧﻮاﺗﻮ وﻓﯿﺠﻲ وﺳﺎﻣﻮا — إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺟﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻜﻮﻧﻐﻮ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ، ﻣﻘﺘﺮﺣﺎً رﺳﻤﯿﺎً ﺑﺘﻌﺪﯾﻞ ﻧﻈﺎم روﻣﺎ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ اﻟﺠﻨﺎﺋﯿﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻹدراج اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻛﺎﻟﺠﺮﯾﻤﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻹﺑﺎدة اﻟﺠﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﺠﺮاﺋﻢ ﺿﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ وﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮب وﺟﺮم اﻟﻌﺪوان. ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ إذن أن ﻗﻀﯿﺔ اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻣﺸﺮوع ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﺳﺮﯾﻊ اﻟﺘﻄﻮر ﯾﺤﻈﻰ ﺑﺰﺧﻢ ﻣﺘﻨﺎمٍ؛ واﻟﺴﺆال اﻷھﻢ ﯾﺒﻘﻰ: ﻣﺎ اﻟﻔﺮق اﻟﺬي ﺳﯿُﺤﺪﺛﮫ ﺗﺠﺮﯾﻢ اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ؟
ﺣﺪّدت ﻣﺎﻛﻨﺘﻮش ﺳﺒﻞَ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻐﯿّﺮ ﻣﻦ ﺳﻠﻮك اﻟﺸﺮﻛﺎت:
أوﻻً، ﻣﺴﺘﻮى رادع أﻗﻮى: اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻧﺎدراً ﻣﺎ ﺗﺮدع اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻜﺒﺮى؛ أﻣﺎ اﺗﮭﺎمُ ﺟﮭﺔٍ ﻣﺎ ﺑﺎرﺗﻜﺎب ﺟﺮﯾﻤﺔٍ دوﻟﯿﺔ — إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﻮاﻗﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ واﻟﻤﺎﻟﯿﺔ واﻟﺴﻤﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻼﺣﻖ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﯾﯿﻦ واﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﯾﻦ — ﻓﮭﺬا ﯾﻐﯿّﺮ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﻤﺨﺎطﺮ ﺟﺬرﯾﺎً. ﻓﺒﻤﻮﺟﺐ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ اﻟﺪوﻟﻲ، اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ ﺷﺨﺼﯿﺔ وﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﺘﻨﻔﯿﺬﯾﯿﻦ ﺗﻔﻮﯾﻀﮭﺎ أو ﺗﻔﺮﯾﻐﮭﺎ.
ﺛﺎﻧﯿﺎً، ﺗﺪﻗﯿﻖ أﻗﻮى وأﻛﺜﺮ ﻣﺒﻜﺮاً وﺑﺸﻜﻞٍ ﻋﻤﻠﻲ: ﯾُﺠﺒﺮ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ اﻟﺸﺮﻛﺎت ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ ﻣﻨﺬ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﺼﻮر اﻷوﻟﻲ، ﻻ ﺑﻌﺪ وﻗﻮع اﻟﻀﺮر. ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻛﺎت أن ﺗﺴﺄل: ھﻞ ھﺬا اﻟﻤﺸﺮوع آﻣﻦ أﺳﺎﺳﺎً؟ ﻣﻦ ﯾﺘﺤﻤّﻞ اﻟﻤﺨﺎطﺮ؟ ھﻞ ﺗﺘﻌﺮّض اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻀﻌﯿﻔﺔ ﻟﺨﻄﺮٍ ﻣُﻀﺎﻋﻒ؟
ﺛﺎﻟﺜﺎً، رﻓﻊ اﻟﻌﺐء ﻋﻦ اﻟﻀﺤﺎﯾﺎ: ﯾﻀﻊ اﻟﺘﻘﺎﺿﻲ اﻟﻤﺪﻧﻲ اﻟﻌﺐءَ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﺤﺎﯾﺎ أﻧﻔﺴﮭﻢ ﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ، ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗُﻨﻘﻞ اﻟﻤﺴﺎءﻟﺔُ ﻓﻲ اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺠﻨﺎﺋﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ؛ ﻓﯿﺼﺒﺢ اﻟﺘﺪﻣﯿﺮ اﻟﺒﯿﺌﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔً ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﺟﻤﻌﺎء، ﻻ ﻧﺰاﻋﺎً ﺧﺎﺻﺎً ﺑﯿﻦ أطﺮاف.
ﺗﺸﺮﯾﻌﺎت ﺳﻮرﯾﺎ اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ ﻻ ﺗﺰال ﺿﻌﯿﻔﺔ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ وﻏﯿﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻤﺪى اﻟﺪﻣﺎر اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺤﺮب، وﺗﺸﻜﻞ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔُ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﯿﺔ ﻓﺮﺻﺔً ﻧﺎدرةً ﻟﺘﺤﺪﯾﺚ ھﺬه اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ ﺑﻤﺎ ﯾﻌﻜﺲ أزﻣﺎت اﻟﺒﻼد اﻟﺮاھﻨﺔ. وﻣﻊ ﺗﺪﻓّﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر إﻟﻰ ﺑﯿﺌﺔٍ ﻋﺎﻟﯿﺔ اﻟﻤﺨﺎطﺮ، ﺑﺎت وﺟﻮدُ ﻗﺎﻧﻮنٍ ﺟﻨﺎﺋﻲ ﺻﺎرم أﻛﺜﺮ إﻟﺤﺎﺣﺎً ﻣﻦ أي وﻗﺖٍ ﻣﻀﻰ.
ﻓﻲ وﺣﺪة ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن واﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ، أﻛّﺪﻧﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺎطﺮ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ واﻟﻤﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﮭﮭﺎ اﻟﺸﺮﻛﺎت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﺸﻞ ﻓﻲ اﺣﺘﺴﺎب اﻷﺿﺮار اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ واﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺰاع. ﺗﻮﺻﯿﺎﺗﻨﺎ اﻷﺧﯿﺮة ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ ﺗﺸﺪّد ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﻨﺎﯾﺔَ اﻟﻮاﺟﺒﺔ اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻋﻨﺼﺮٌ ﻻ ﯾﺘﺠﺰأ ﻣﻦ ﺳﻠﻮك ﺗﺠﺎري ﺣﺴﺎس ﻟﻠﺼﺮاع وﯾﺤﺘﺮم اﻟﺤﻘﻮق. ﻓﻲ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 2025، وﻗﺒﻞ اﻟﻤﻨﺘﺪى ﻣﺒﺎﺷﺮة، اﺳﺘﻀﻔﻨﺎ أول ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺳﻮري ﻟﻸﻋﻤﺎل وﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﻛﺮّﺳﻨﺎ ﺟﻠﺴﺔً ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﺪﯾﺎت اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر. ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﯿﺔ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ وﻓﺮﺻﺔ ﺑﻨﺎء إطﺎرٍ ﺗﻨﻈﯿﻤ ﱟﻲ ﻗﻮ ﱟي ﯾﻜﺒﺢ ﺟﻤﺎحَ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﯾﻦ اﻷﺟﺎﻧﺐ، ﯾَﺤﺼّﻦُ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت، وﯾُﻌﻄﻲ اﻷوﻟﻮﯾﺔَ ﻻﻧﺘﻌﺎشٍ ﻣﺴﺘﺪام.
ﻟﻦ ﯾﺤﻞّ ﺗﺠﺮﯾﻢ اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺸﻜﻼت ﺳﻮرﯾﺎ اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ اﻟﻤﺘﺠﺬّرة، ﻟﻜﻨﮫ ﺳﯿﻀﻊ ﻣﻌﯿﺎراً ﻣﻌﻨﻮﯾﺎً وﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺎً ﻗﻮﯾﺎً: ﻻ ﯾﺠﻮز ﻷي ﻓﺎﻋﻞ—ﺷﺮﻛﺔً ﻛﺎﻧﺖ أم ﻏﯿﺮھﺎ—أن ﯾﺮﺑﺢ ﻣﻦ ﺗﺪﻣﯿﺮ ﺑﯿﺌﺔ ﺳﻮرﯾﺎ دون أن ﯾﻮاﺟﮫ أﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﯾﺎت اﻟﻤﺴﺎءﻟﺔ.
وﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺎﻛﻨﺘﻮش: “ﺗﺠﺮﯾﻢ اﻹﺑﺎدة اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻟﯿﺲ اﻟﺤﻞّ اﻟﺴﺤﺮي، ﻟﻜﻨﮫ ﯾﻐﯿّﺮ اﻟﺤﻮاﻓﺰ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔٍ ﻗﻮﯾﺔ… ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻐﯿﺮ اﻟﺤﻮاﻓﺰ، ﯾﺘﻐﯿﺮ اﻟﺴﻠﻮك”.
بقلم: الريم كمال، مسؤولة قانونية في وحدة حقوق الإنسان والأعمال التجارية
