سقوط نظام الأسد

ديسمبر 13,  2024        |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

في الثامن من ديسمبر 2024، استيقظ السوريون على وطن خالٍ من نير نظام الأسد الإجرامي. بعد عقود من الطغيان الذي انتهك حق كل سوري في الحياة بحرية وكرامة، انتهى أخيرًا حكم عائلة الأسد الذي استمر 53 عامًا. تهانينا للجميع! اليوم هو يوم انتصار عظيم يجلب لنا الكثير من الأمل.

الدكتاتور السابق بشار الأسد مسؤول عن مقتل أكثر من نصف مليون سوري منذ اندلاع الحرب. يتميز نظامه بالفساد الواسع النطاق والوحشية البالغة، حيث قرر الرد على الاحتجاجات السلمية في عامي 2011 و2012 بالرصاص، ثم بالقنابل. وخلال الصراع، استخدم النظام السوري، إلى جانب حلفائه روسيا وإيران، مجموعة من الوسائل لقتل السوريين و حصارهم وتجويعهم ومعاقبتهم لجرأتهم على مواجهة نظامه، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة. وقد وثقت الاستهدافات المتعمدة للنظام للمدنيين والبنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات والأسواق والمناطق السكنية، بشكل جيد. كما أُجبر أكثر من 6 ملايين سوري على اللجوء، وأكثر من 7 ملايين على النزوح الداخلي.

ومن الممارسات المميزة لهذا النظام البوليسي سياسته الممنهجة في الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب على نطاق صناعي في منشآته الاحتجازية الشهيرة. ووفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، تعرض أكثر من 100,000 سوري للإخفاء القسري والاعتقال التعسفي على يد النظام، وتوفي العديد منهم في هذه المنشآت نتيجة التعذيب أو الإعدام. لقد فرحنا بالإفراج عن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين المخفيين قسرًا، بمن فيهم النساء والأطفال، من مرافق الاحتجاز في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة النظام المخلوع. وفي الوقت نفسه، نقف متضامنين مع عائلات المفقودين، ونتشارك في ألمهم ومعاناتهم نتيجة تقاعس الهيئات الدولية في الاستجابة السريعة لهذه الأزمة الإنسانية. إن الاستجابات الفورية والفعالة أمر ضروري، حيث أن أي تأخير إضافي قد يتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها لحق العائلات في معرفة الحقيقة ويزيد من حدة معاناتهم المستمرة بسبب الجهل بمصير أحبائهم أو أماكن وجودهم أو ما حدث لهم.

لم تبدأ القمعية والعنف مع بشار الأسد، بل مع والده، حافظ الأسد. ففي عام 1982، قتل حافظ الأسد أكثر من 40,000 سوري في مدينة حماة. كما أُعدم مئات السجناء السياسيين في زنازينهم على يد قوات موالية لشقيق حافظ، رفعت الأسد. هذه المجازر التي شكلت إرث النظام أثرت على الذاكرة السياسية والهوية والتاريخ السوري.

علاوة على ذلك، ترسخت تحت النظام السوري العلاقة بين رأسمالية المحاسيب واقتصاد الحرب، مما عزز عدم المساواة الاقتصادية ودعم هياكل السلطة التابعة للنظام. ازدهرت رأسمالية المحاسيب مع منح النظام للموالين والمقربين فرصًا تجارية مربحة و احتكارات ومعاملة تفضيلية، مما أدى إلى خلق طبقة نخبوية مرتبطة بشدة بالدولة. وقد فاقم اقتصاد الحرب هذه الديناميكيات، حيث استفادت شبكات من رجال الأعمال والميليشيات المرتبطة بالنظام من التهريب أثناء الحرب، وعقود إعادة الإعمار، والسيطرة على الموارد الحيوية مثل الوقود والإمدادات الغذائية. استغل هؤلاء الفاعلون الصراع لتكديس الثروات على حساب السوريين العاديين الذين واجهوا فقرًا متزايدًا وإنهيار الخدمات الأساسية. تم تصميم هذه العلاقة التبادلية بين النظام والمقربين منه للحفاظ على السيطرة الاستبدادية بدلاً من تلبية احتياجات الشعب السوري.

عملنا لتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون في البلاد قد بدأ للتو. مع سعي الأمة نحو الانتقال إلى الديمقراطية، وبناء المؤسسات، وخلق مجتمع شامل، سنواصل دعم مجموعات المجتمع المدني، و الضحايا، والناجين، وروابط العائلات، والمنظمات الإنسانية، والشركات، وغيرها من الجهات لضمان احترام حقوق الإنسان لجميع الفئات وحماية البيئة. سنعمل أيضًا على ضمان عدم مكافأة مجرمي الحرب والمستغلين بعقود للتوريد أو إعادة الإعمار. سنواصل دعم الضحايا والناجين وروابط العائلات لممارسة حقوقهم والوصول إليها وتحقيقها بالكامل، بما في ذلك حقهم في المشاركة في عمليات العدالة والحقيقة المستقبلية، بشأن الفظائع الموثقة التي ارتكبها أفراد نظام الأسد وحلفاؤه، بمن فيهم الجهات التجارية المحلية والأجنبية، وكذلك الأطراف الأخرى التي انتهكت حقوق الشعب السوري.

نحن ندرك أن هناك العديد من التحديات التي تنتظرنا، لكننا ملتزمون ومستعدون لمواجهتها. نأمل أن يأتي اليوم الذي تتحرر فيه جميع الشعوب من الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الجائرة التي تقوم على الإخضاع والتمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو أي أسباب أخرى.

العقوبات المفروضة على سورية _ الالتزامات القانونية الدولية المترتبة على الدول التي تفرض العقوبات

يونيو 5, 2024    |   مشاهدات [jp_post_view]   |   تحميل التقرير PDF    |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية
دراسة

ردًا على حملة القمع العنيفة التي شنها نظام الأسد على الانتفاضة المدنية السلمية في عام 2011 ، والتي تطورت من الرصاص إلى القنابل، فُرضت على سوريا عقوبات أحادية الجانب. هدفت هذه العقوبات إلى إعاقة قدرة النظام على ارتكاب المزيد من الانتهاكات من خلال حرمانه من الموارد التي يحتاجها. ومع ذلك، لا تزال العقوبات تعيق عمليات الإغاثة وتترك السوريين البسطاء يتحملون وطأتها، مما ينتهك تمتُّعهم بمجموعة من حقوق الإنسان. وعلى هذا النحو، ناقش أعضاء المجتمع المدني ومجتمع الإغاثة والمؤسسات متعددة الأطراف العقوبات المفروضة على سوريا باستفاضة في العديد من المحافل.

لكن ما ينقص هذه المناقشات العامة هو نقاش الالتزامات القانونية الدولية المترتبة على الدول التي تفرض العقوبات، وكيف يمكن للامتثال لهذه الواجبات أن يمنع أو يخفف من الآثار السلبية على حقوق الإنسان للسكان في الدولة المستهدفة.

وفي حين أن وحشية النظام السوري وفساده الراسخَين هما المسؤولان الأساسيان عن أي حرمان من حقوق الإنسان للسوريين، فإن هذا الخطاب يدفعنا إلى إعادة النظر في الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على الدول التي تفرض العقوبات. وقد درس البرنامج السوري للتطوير القانوني الالتزامات القانونية الدولية المترتبة على الدول بموجب العقوبات هنا.

العقوبات والقانون الدولي:

بصرف النظر عن واجبات النظام السوري بموجب القانون الدولي في ما يتعلق بتخفيف أثر العقوبات على السوريين، فإن الدول التي تفرضالعقوبات، عليها التزام قانوني دولي بعدم انتهاك حقوق الإنسان للسكان في الدولة المستهدفة.

وفي هذا الصدد، من المهم الإشارة إلى وجود إجماع متزايدٍ على أنَّ الدول عليها التزامات في مجال حقوق الإنسان خارج حدودها الإقليمية تقتضي منها الامتناع عن الأفعال وأوجه التقصير التي تتسبب في خطر حقيقي يتمثل في إبطال أو إعاقة التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية خارج الحدود الإقليمية. وتنشأ هذه المسؤولية عندما يكون هذا الإبطال أو الإعاقة نتيجة متوقعة لسلوكها.

وفي تعليقها العام لعام 1997 ، أكدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أنه ”مثلما يُصِرّ المجتمع الدولي على وجوب احترام الحقوق المدنية والسياسية لمواطني أيّ دولة مستهدَفة، يجب على تلك الدولة والمجتمع الدولي نفسه أن يبذلوا كلّ ما في وسعهم لحماية المضمون الأساسي على الأقل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعوب المتضررة في تلك الدولة“.

وفي هذا الصدد، حددت اللجنة ثلاث مسؤوليات تقع على عاتق الدول التي تفرضالعقوبات. الأولى هي وجوب مراعاة الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مراعاة تامة عند تصميم نظام العقوبات. ثانياً، ينبغي إجراء رصد فعال طوال فترة سريان العقوبات. وكما أوضحت اللجنة، فإن الدول التي تفرضالعقوبات تتحمل حتماً مسؤولية بذل كل ما في وسعها لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للسكان المتضررين في الدولة المستهدفة. وأخيراً، يقع على عاتق الدولة الخاضعة للعقوبات التزامٌ ”باتخاذ الخطوات، بشكل فردي ومن خلال المساعدة والتعاون الدوليين، لا سيما الاقتصادية والتقنية“ للاستجابة لأي معاناة غير متناسبة تتعرضلها الفئات الضعيفة داخل الدولة المستهدفة.

وإلى جانب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يحدد القانون الإنساني الدولي أيضًا القواعد المتعلقة بتطبيق العقوبات في حالات النزاع المسلح. وفي حين أن هذا الأخير، كما تُلاحظ سيغال، لا يشير تحديداً إلى العقوبات ولا يتناول آثارها على السكان المدنيين، إلَّا أن القواعد العامة المتعلقة بحماية المدنيين من آثار سير الأعمال العدائية تنطبق.

ويترتب على ذلك أنّ قرار فرض العقوبات يجب أن يأخذ قواعد الحرب في الحسبان، لا سيما في ما يتعلق بالإمدادات الطبية والغذائية. فالدول ملزمة بمراعاة الحق في المساعدة الإنسانية. وعلى هذا النحو، يجب أن تنصأنظمة العقوبات على استثناءات إنسانية فعالة. كما يجب رصد هذه الاستثناءات باستمرار لتقييم آثارها على المديَيْن القصير والطويل. وإذا كان من المحتمل أن يؤدي نظام العقوبات إلى مشقة على السكان المدنيين، فيجب أن يتطلب قراره توفير مساعدات إنسانية كافية لضمان عدم تهديد حياة السكان وصحتهم.

الأثر غير المقصود للعقوبات على سوريا

ما لم تُحترم هذه الالتزامات، فإن الدول التي تستهدف سوريا بالعقوبات تخاطر بعدم الوفاء بالتزامها بالامتناع عن التسبب في آثار سلبية على حقوق الإنسان للسكان. ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإنه على الرغم من الاستثناءات الإنسانية، بما في ذلك الإعفاءات الدائمة، فإن العقوبات التي لا تُطبّق بشكل فعال قد تستمر في التأثير سلبًا على العمليات الإنسانية في سوريا وتُفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.

كما كان للتقييد وعدم الوضوح المحيط بالاستثناءات تأثير مُفزِع، مما دفع المؤسسات المالية إلى إنهاء أو تقييد العلاقات مع الأفراد أو الكيانات السورية، حتى في ما يتعلق بالقطاعات غير الخاضعة للعقوبات. وقد جعل هذا الأمر من الصعب على مجموعات الإغاثة إدارة برامج في سوريا وتحويل الأموال إلى البلاد، حتى حينما يكون غرَضُالمعاملات دعم الأنشطة المعفاة من العقوبات. يجب على الدول التي تفرض العقوبات أن تضمن معالجة الإفراط في الامتثال من قِبل القطاع الخاص معالجة ناجعة كجزء من التزامها باحترام حقوق الإنسان للسكان في الدولة المستهدفة.

الخلاصة

تشير العقوبات في كثير من الأحيان إلى عدم موافقة الدول على سلوك معيَّن، أي انتهاكات القانون الدولي، وبالتالي قد تكون بمثابة أداة استراتيجية لثني الدول المستهدَفة عن ارتكاب أفعال غير مشروعة دوليًا وحثّها على الامتثال لالتزاماتها القانونية الدولية. ومع ذلك، عندما تُصمم العقوبات وتُنفّذ بطريقة تتجاهل حقوق الإنسان للسكان المدنيين المتضررين، فإن الدول التي تفرضالعقوبات تُخاطر بانتهاك المعايير الدولية نفسها.

لا يمكن إنكار أنّ النظام السوري يتلاعب بالعقوبات ويستخدمها بشكل عقابيٍّ كذريعة لزيادة حرمان السوريين من احتياجاتهم الأساسية. وفي الوقت الذي يُدين فيه نظام الأسد العقوبات الأحادية الجانب باعتبارها مصدر المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، فإنه يتباهى بنجاحه في الالتفاف عليها.

وفي الوقت نفسه، من الواضح أن العقوبات ضاعفت الأزمة الاقتصادية في سوريا وأعاقت بشكل غير مباشر عمليات الإغاثة. لكنّ مثل هذه الآثار السلبية ليست حتمية؛ فقد خلُصت دراسة رئيسية أُعِدّت للأمم المتحدة إلى أنه ”يمكن اتخاذ قرارات للحدّ من معاناة الأطفال أو التقليل من العواقب السلبية الأخرى مِن دون تعريضأهداف السياسة العامة للعقوبات إلى الخطر“.

وبالتالي، من الأهمية بمكان أن تراعي جميع الدول المعنية التزاماتها القانونية الدولية في هذا الصدد، وأن تعمل على ضمان حماية حقوق الإنسان للسكان المدنيين في سوريا.

بيان مشترك لمنظمات المجتمع المدني السورية وجمعيات وروابط الضحايا والناجين للترحيب بحكم محكمة الجنايات في باريس بالسجن المؤبد على ثلاثة مسؤوليين أمنيين سوريين رفيعي المستوى في قضية الدباغ

يونيو 5, 2024    |   مشاهدات                      |   تحميل التقرير PDF    |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

باريس 06 حزيران/يونيو 2024 – أصدرت محكمة الجنايات في باريس بتاريخ 24 أيار/مايو 2024، حكمها بالسجن المؤبد على ثلاثة مسؤولين أمنيين سوريين رفيعي المستوى مقربين من بشار الأسد، وهم اللواء علي مملوك واللواء جميل الحسن والعميد عبد السلام محمود، بتهم التواطؤ بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب بحق السوريين الفرنسيين مازن الدباغ وولده باتريك.

وقد صدر هذا الحكم بعد أربعة أيام من جلسات الاستماع لشهادات الشهود من خبراء وخبيرات وناجين وناجيات من معتقل فرع التحقيق التابع لإدارة المخابرات الجوية في مطار المزة. ومناقشة الأدلة التي تم تقديمها في الملف على مدى ثماني سنوات، والتي تثبت مسؤولية هؤلاء المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم. حيث كان مازن وباتريك معتقلَين ثم مختفيَين قسرياً منذ عام 2013، قبل أن يتم إصدار شهادات وفاة لهما من قبل الحكومة السورية عام 2018، بعد مقتلهما نتيجة التعذيب وسوء المعاملة.

وتعتبر هذه المحاكمة الأولى من نوعها في فرنسا من حيث المحاسبة على الجرائم المرتكبة من قبل مسؤولين على أعلى المستويات في السلطات السورية.

نحن منظمات المجتمع المدني السوري وروابط الضحايا والناجين والناجيات الموقعين/ات أدناه، نرحب بهذا الحكم الذي يمثل خطوة مهمة على طريق العدالة وتأكيداً على استمرار جهود محاربة الإفلات من العقاب، حتى محاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات في سوريا، وإنصاف الضحايا وتعويضهم بالشكل اللائق.

كما نتوجه بجزيل الشكر للشجاعة والإصرار التي تحلى بهما الشهود وعائلة الدباغ في هذه القضية، للوصول لهذا الحكم. ونتطلع إلى اليوم الذي يستطيع فيه السوريون والسوريات محاكمة الجناة أمام المحاكم السورية، لأننا نؤمن أن العدالة هي طريق السلام والاستقرار الذي نطمح له.

المنظمات الموقعة:
1. اتحاد المكاتب الثورية
2. اتحاد طلبة سوريا الأحرار
3. الأرشيف السوري
4. البرنامج السوري للتطوير القانوني
5. الجمعية الآشورية للإعانة والتنمية
6. الخوذ البيضاء
7. الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR)
8. العدالة من أجل السلام
9. المجلس السوري البريطاني
10. المركز السوري لبحوث السياسات
11. المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
12. المنتدى السوري
13. المنظمة العالمية للنهوض بالمجتمع المدني (GLOCA)
14. النساء اللآن للتنمية
15. بيتنا لدعم المجتمع المدني
16. بيل – الأمواج المدنية
17. تجرأنا على الحلم “من أجل سما”
18. تحالف الأديان
19. جالية السوريين رومانيا
20. رابطة “تآزر” للضحايا
21. رابطة المحامين السوريين الأحرار.
22. رابطة عائلات قيصر
23. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
24. شبكة الشرق نيوز الإعلامية
25. عائلات للحقيقة والعدالة
26. فريق ربيع سوريا
27. فريق صبح الثقافي
28. مؤسسة فراترنيتي لحقوق الإنسان FFHR
29. مجموعة عائلات الأشخاص المفقودين
30. محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان
31. مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية
32. مركز امل للمناصرة والتعافي
33. مركز توثيق الإنتهاكات الكيميائية والأبحاث(CVDCR)
34. مركز وصول لحقوق الإنسان
35. مساواة
36. مع العدالة
37. مكتب التنمية المحلية ودعم المشاريع الصغيرة
38. مكتب شؤون الجرحى والمفقودين
39. منظمة زووم ان
40. منظمة التنمية المحلية LDO
41. منظمة الرعاية الخيرية للأعمال الإنسانية
42. منظمة بدائل
43. منظمة ديرنا
44. منظمة سداد الإنسانية
45. منظمة معا لأجل الجرنية
46. منظمة مهاباد لحقوق الإنسان MOHR
47. منظمة ميزان للدراسات القانونية وحقوق الإنسان
48. وحدة المجالس المحلية

مذكرة التوقيف الفرنسية: فرصة لإعادة النظر في الحصانة الشخصية لرؤساء الدول

ديسمبر 15, 2023    |   مشاهدات [jp_post_view]   | الكاتب: مهند شرباتي مسؤول قانوني – وحدة الدعم بالقانون الدولي

في ١٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢٣ أصدر قضاة تحقيق جنائيون في فرنسا مذكرة توقيف بحق الرئيس السوري بشار الأسد بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية متعلقة بالهجمات الكيمياوية في مدينة دوما والغوطة الشرقية في آب/أغسطس ٢٠١٣، والتي أسفرت عن مقتل أكثر ألف شخص. جاءت المذكرة نتيجة شكوى تقدم بها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير و مجموعة من الضحايا عام ٢٠٢١ وتم لاحقاً الانضمام إليها ودعمها من قبل الأرشيف السوري ورابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح والمدافعون عن الحقوق المدنية وقد شملت أيضاً ماهر الأسد قائد ما يسمى الفرقة الرابعة في الجيش العربي السوري، بالإضافة إلى ضابطين أخرين هما غسان عباس والعميد بسام الحسن.

إصدار هذه المذكرة يعتبر خطوة بارزة في طريق السعي للعدالة والمحاسبة في سوريا فرغم جسامة هذه الجريمة والعدد الكبير من الضحايا والإصابات الجسدية والنفسية الذي نتجت عنها لم يتم محاسبة أي مسؤول عن استخدام السلاح الكيماوي. إضافة إلى أنها أول مرة تصدر فيها مذكرة توقيف بحق الرئيس السوري وأول مرة تصدر فيها مذكرة توقيف من قضاء وطني بحق رئيس دولة مازال في منصبه. ومما يزيد من أهمية هذه الخطوة هو أن المذكرة صدرت بعد تحقيق استغرق فترة طويلة مما يعني أن هناك أدلة قوية وموثوقة حول مسؤولية بشار الأسد، وبالتالي بغض النظر عن احتمال وجود تحديات إجرائية قانونية قد تواجه هذه القضية فإنه سيكون من الصعب نفي هذه المسؤولية عن بشار الأسد في المستقبل.

في ظل وجود تحديات إجرائية في مثل هذا النوع من القضايا، برزت تساؤلات عدة حول إمكانية تنفيذ المذكرة وتوقيف بشار الأسد وتسليمه إلى القضاء في فرنسا. على الرغم من وجود أدلة قوية تؤكد تورطه بشكل مباشر في الجرائم التي ارتكبت ومازالت ترتكب في سوريا، قد تتحجج بعض الدول بأن بشار الأسد مازال رئيس دولة من الناحية القانونية وبالتالي فإن تنفيذ المذكرة قد يتجاوز اتفاقيات تسليم المجرمين، ويرتبط بشكل مباشر بالحصانة التي يتمتع بها رؤساء الدول بموجب القانون الدولي أمام المحاكم الوطنية الأجنبية. يناقش هذا المقال ما إذا كان القانون الدولي يفرض التزاماً على الدول بتنفيذ مذكرة التوقيف الفرنسية بحق بشار الأسد في حال تواجده على أراضيها، وفيما إذا كانت الحصانة التي يتمتع بها رؤساء الدول بموجب القانون الدولي ستشكل عائقاً أمام توقيف بشار الأسد على الرغم من أن الاتهام يتعلق بانتهاكات خطيرة للقانون الدولي.

نوعان للحصانة بموجب القانون الدولي

وفقاً للقانون الدولي هناك نوعان من الحصانة التي يتمتع بها الأفراد (١) الحصانة الشخصية (Personal Immunity or immunity ratione personae) و (٢) الحصانة الوظيفية (Functional Immunity or immunity ratione materiae). الحصانة الشخصية تعني الحماية من المحاكمة أمام المحاكم الوطنية الأجنبية التي يتمتع بها بعض مسؤولي الدولة بسبب صفتهم ووضعهم الرسمي في الدولة. ترتبط هذه الحصانة بعدد من المناصب العليا في الدول وعلى وجه التحديد رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية. وهي حصانة مطلقة، بمعنى أنها تشمل جميع الأفعال المرتكبة سواء بصفة رسمية أو خاصة قبل وأثناء تولي المنصب، وتتوقف حماية الحصانة الشخصية بمجرد مغادرة الفرد لمنصبه حتى بما يتعلق بأفعال قام بها عندما كان في المنصب. أما الحصانة الوظيفية تعني الحصانة من اختصاص المحاكم الوطنية الأجنبية التي يتمتع بها الأفراد بسبب الطابع الرسمي لبعض الأفعال التي يقومون بها بصفتهم الرسمية نيابة عن الدولة. على عكس الحصانة الشخصية، ترتكز الحصانة الوظيفية على الفعل أو السلوك نفسه وليس على منصب الشخص الذي قام بالفعل. وبالتالي فهي لا تقتصر على عدد من المناصب العليا في الدولة وإنما تشمل أي موظف يتصرف نيابة عن الدولة مهما كان منصبه. وتشمل هذه الحصانة الأعمال الحكومية والأعمال التجارية للدولة، ما لم تتم بصفة شخصية. ولا تكون الأفعال رسمية بطبيعتها إلا عندما يكون الفعل منسوباً حصراً إلى الدولة.

الحصانة الوظيفية لرؤساء الدول تصبح ذات أهمية فقط عندما يترك رئيس الدولة منصبه، لأنه أثناء وجوده في المنصب يتمتع بحصانة شخصية. لذلك قد لا يكون هذا النوع من الحصانة ذا صلة عند النقاش حول المذكرة الصادرة ضد بشار الأسد كونه مازال في منصبه ومن الناحية القانونية يتمتع بحصانة بشخصية. إلا أنه من المهم الإشارة إلى أنه من المقبول على نطاق واسع أن الحصانة الوظيفية أمام المحاكم الوطنية لا تشمل الجرائم الدولية الخطيرة كجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية كونها لا تعتبر تصرفات رسمية نيابة عن الدولة. اجتهادات المحاكم تدعم وجود قاعدة عرفية دولية تفيد بأن الحصانة الوظيفية لمسؤولي الدول السابقين لا تنطبق أمام المحاكم الوطنية الأجنبية في حالات الجرائم الدولية الخطيرة (على سبيل المثال القضية ضد الضابط النازي إيخمان، والقضية ضد الرئيس السابق لتشيلي بينوتشيه أمام القضاء البريطاني). أيضاً أكدت على ذلك لجنة القانون الدولي في مسودة المواد المتعلقة بحصانة مسؤولي الدول من الولاية القضائية الجنائية الأجنبية التي اعتمدتها في حزيران/يونيو ٢٠٢٢. حيث نصت المادة ٧ أن الحصانة الوظيفة أمام المحاكم الأجنبية الوطنية لا تشمل مجموعة من الجرائم الدولية هي جريمة الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جريمة الفصل العنصري، جريمة التعذيب وجريمة الاختفاء القسري.

لا حصانة شخصية أمام المحاكم الدولية

لا يمكن الاحتجاج بالحصانة الشخصية أمام المحاكم الدولية. ينص نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية على ذلك بشكل صريح حيث تنص المادة 27 (2) على أنه “لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص”. وقد تم التأكيد من قبل محكمة العدل الدولية في قضية مذكرة التوقيف/الكونغو ضد بلجيكا (Arrest Warrant Case) أن الحصانات بموجب القانون الدولي لا تمثل عائقاً لممارسة الاختصاص الجنائي أمام المحاكم الدولية، وأن أحكام الحصانة الشخصية تشكل عرفاً دولياً. على الرغم من أن محكمة العدل لم تحدد ما هي المحاكم الدولية وعلى أي أساس لا تنطبق الحصانات الشخصية أمامها (السؤال كان خارج نطاق القضية ولم يطلب من المحكمة الإجابة عنه)، إلى أنها ذكرت المحكمة الخاصة بيوغسلافيا السابقة والمحكمة الخاصة برواندا ومحكمة الجنايات الدولية كأمثلة على المحاكم الدولية التي تتمتع بسلطة محاكمة رؤساء الدول وغيرهم من مسؤولي الدولة. في نفس السياق خلصت محكمة الجنايات الدولية أيضاً أن هذه القاعدة تعتبر من القانون الدولي العرفي (قضية ملاوي المتعلقة بتسليم الرئيس السوداني السابق عمر البشير).

الحصانة الشخصية أمام المحاكم الأجنبية الوطنية

على عكس المحاكم الدولية، هناك حجج قانونية على أن رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية الذين مازالوا في مناصبهم يتمتعون بحصانة شخصية مطلقة من الملاحقة الجنائية أمام المحاكم الوطنية الأجنبية حتى في حال ارتكابهم انتهاكات جسيمة ضد القانون الجنائي الدولي مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة. تم التأكيد على هذه الحصانة في العديد من الأحكام القضائية.

تعد قضية مذكرة التوقيف أمام محكمة العدل الدولية (الكونغو ضد بلجيكا) من أبرز القضايا التي يتم الإشارة لها عند الدفاع عن الحصانة الشخصية التي يتمتع بها رؤساء الدول أمام المحاكم الوطنية الأجنبية. في عام ١٩٩٩ عدلت بلجيكا تشريعها الوطني المتعلق بجرائم الحرب ليتوافق مع نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية الذي لا يعتبر المنصب الرسمي كسبب للحصانة. بالتالي لم تعد الحصانة المرتبطة بالصفة الرسمية للشخص تمنع محاكمة هذا الشخص أمام القضاء البلجيكي. أصدر قاضي تحقيق بلجيكي، بموجب هذا القانون، مذكرة اعتقال دولية بحق وزير خارجية جمهورية الكونغو بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. تقدمت جمهورية الكونغو بطلب إلى محكمة العدل الدولية للاعتراض على أمر التوقيف الصادر عن القضاء البلجيكي بحجة أنه قد انتهك الحصانة الشخصية لوزير خارجيتها، بالإضافة إلى انتهاكه للمبدأ القانوني (par in parem non habet imperium) الذي يقضي بأنه ليس لدولة ذات سيادة أن تمارس ولايتها القضائية على دولة أخرى ذات سيادة. شكلت هذه القضية فرصة لمحكمة العدل لتعطي رأيها في الحصانة التي يتمتع بها مسؤولو الدول الذين مازالوا في مناصبهم بموجب القانون الدولي العرفي. في سبيل ذلك قامت المحكمة بتحليل الممارسات الدولية المتعلقة بالحصانة بما في ذلك أحكام المحاكم والتشريعات الوطنية لبعض الدول. خلصت المحكمة من حيث النتيجة إلى أن وزير خارجية الكونغو الذي كان في منصبه آنذاك يتمتع بحصانة حتى من التهم المتعلقة بجرائم دولية خطيرة. حيث لم تجد المحكمة في ممارسات الدول أن هناك استثناء في القانون الدولي العرفي من القاعدة التي تمنح الحصانة من الولاية القضائية الجنائية الأجنبية لوزراء الخارجية الذين ما زلوا في مناصبهم حين يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. وجدت محكمة العدل الدولية أيضأً أن مجرد إصدار القضاء البلجيكي لمذكرة توقيف بحق وزير الخارجية لجمهورية الكونغو الديمقراطية الذي مازال في منصبه ينتهك القواعد العرفية الدولية بشأن الحصانات الشخصية التي يتمتع بها الوزير، وأن بلجيكا انتهكت القانون الدولي المتعلق بالحصانات الشخصية بمجرد تعميم مذكرة التوقيف على المستوى الدولي بغض النظر عما إذا كانت قد اتخذت أي خطوات أخرى لمطالبة الدول بتنفيذها. على الرغم من أن هذه القضية ناقشت حصانة وزير الخارجية، إلا أن الممارسات القضائية اللاحقة والتعليقات القانونية على القضية تؤكد أن رأي محكمة العدل الدولية ينطبق أيضاً على رؤساء الدول ورؤساء الحكومات. من المهم الإشارة أن المحكمة وفي نفس القرار وضحت أن هنالك أربع حالات لا تنطبق فيها الحصانة الشخصية وبالتالي تجوز فيها الملاحقة الجنائية لمسؤولي الدول الرفيعين: (أ) يمكن محاكمة المسؤول أمام المحاكم الوطنية في بلده، (ب) إذا تنازلت دولة المسؤول عن الحق في الحصانة، (ج) يمكن محاكمة المسؤول عندما يترك منصبه، (د) يمكن محاكمة المسؤول أمام محكمة جنائية دولية.

أيضاً، على الصعيد الوطني تم التأكيد على الحصانة الشخصية المطلقة لرؤساء الدول من قبل العديد من المحاكم الوطنية. على سبيل المثال في قضية ضد فيديل كاسترو عام ١٩٩٨ أمام المحاكم الإسبانية بتهم تتعلق بالإبادة الجماعية والتعذيب والإرهاب، خلصت المحكمة العليا الوطنية في قرارها أن كاسترو كرئيس دولة في منصبه لديه حصانة مطلقة من الولاية الجنائية للمحاكم الأجنبية، حتى فيما يتعلق باتهامات بارتكاب جرائم دولية. أيضاً في عام ٢٠٠١ تم تقديم شكوى لمحكمة بلجيكية ضد أرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي وقعت في بيروت في عام ١٩٨٢. خلصت محكمة النقض البلجيكية إلى أنه على الرغم من أن القانون البلجيكي المتعلق بالولاية القضائية العالمية لا يعترف بالصفة الرسمية كسبب للحصانة، إلا أن القانون البلجيكي سيتعارض مع القانون الدولي العرفي إذا تجاهل الحصانة التي يتمتع بها أرييل شارون، كرئيس وزراء في منصبه، ولذلك تم رفض القضية من قبل المحكمة. هنا لا بد من الإشارة إلى أن بلجيكا قامت في عام ٢٠٠٣ بتغيير تشريعاتها المتعلقة بجرائم الحرب واعترفت بشكل كامل بالحصانة الشخصية لرؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية طوال فترة تواجدهم في مناصبهم. بالمثل، في القضية ضد رئيس زمبابوي موغابي ووزير خارجيتها مودينجي أمام المحاكم الأميركية نظرت المحكمة فيما إذا كان انتهاك حقوق الإنسان الأساسية التي ترقى إلى مرتبة القواعد الآمرة في القانون الدولي (Jus Cogens) يشكل استثناء من الحصانة الشخصية. بالنتيجة، رفضت المحكمة الدعوى وأيدت الحصانة الشخصية. وخلال هذه القضية تدخلت الحكومة الأميركية وقدمت مقترحاً للمحكمة يفيد بتمتع موغابي ومودينجي بحصانة رؤساء الدول. أيضاً من القضايا الهامة التي ناقشت الحصانة الشخصية المطلقة أمام المحاكم الوطنية هي قضية الرئيس التشيلي السابق بينوشيه أمام مجلس اللوردات البريطاني. على الرغم من أن هذه القضية تتعلق برئيس دولة سابق، إلا مجلس اللوردات البريطاني أشار أن قراره بعدم منح بينوشيه كرئيس سابق حصانة لا يؤثر على الحصانة الشخصية لرؤساء الدولة الذين مازالوا في مناصبهم.

لا بد من الإشارة إلى أن مسودة المواد المتعلقة بحصانة مسؤولي الدول من الولاية القضائية الجنائية الأجنبية التي اعتمدتها لجنة القانون الدولي في حزيران/يونيو ٢٠٢٢ أكدت بشكل صريح على الحصانة الشخصية المطلقة التي يتمتع بها رؤساء الدول، رؤساء الوزراء ووزراء الخارجية أمام المحاكم الوطنية الأجنبية وأنها تشمل جميع الأفعال الصادرة عنهم خلال تواجدهم في المنصب وقبل استلامهم للمنصب، سواء صدرت عنهم بالصفة الرسمية أم الخاصة (المواد ٣ و٤). في هذا السياق أكدت اللجنة الاستشارية لقضايا القانون الدولي العام في هولندا (CAVV) في رأي استشاري حول مسودة مواد الحصانة المذكورة صادر في حزيران/يونيو ٢٠٢٣ أن الحصانة الشخصية وفق المادة ٤ هي حصانة مطلقة تمتد لتشمل جميع الأفعال بما في ذلك تلك التي تعتبر جرائم بموجب القانون الدولي.

مذكرة توقيف رغم الحصانة الشخصية

واضح من موقف محكمة العدل الدولية والمحاكم الوطنية أن رؤساء الدول الذين مازالوا في مناصبهم يتمتعون بالحصانة الشخصية المطلقة أمام المحاكم الوطنية للدول الأجنبية حتى بالنسبة للجرائم الدولية الخطيرة. القضاة الفرنسيون بكل تأكيد على دراية بالحصانة الشخصية التي قد يتمتع بها بشار الأسد بموجب القانون الدولي وغالباً بحثوا في جميع الحجج التي تدعم وجود هذه الحصانة ومع ذلك مضوا قدماً وأصدروا مذكرة توقيف. وبالتالي من المرجح أنه يوجد حجج قانونية ويوجد في ظروف وملابسات هذه القضية ما يبرر التخلي عن الحصانة ومحاكمة بشار الأسد و قد تتمحور هذه الحجج بشكل خاص حول استخدام السلاح الكيماوي.
خطورة الجرم والعدد الكبير من الضحايا والمعاناة الجسدية والنفسية التي نتجت عنه ووجود أدلة قطعية على تورط بشار الأسد شخصياً في الهجمات الكيماوية والإجماع الدولي على ضرورة المحاسبة على الأرجح لعبت دوراً كبيراً في إصدار هذه المذكرة. استخدام الأسلحة الكيماوية محظور بشكل مطلق في القانون الدولي حيث يعود هذا الحظر إلى إعلان لاهاي عام ١٨٩٩ بشأن الغازات الخانقة ومن ثم بروتوكول جنيف لحظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها ولوسائل الحرب البكتريولوجية عام ١٩٢٥ وصولاً إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية التي دخلت حيز التنفيذ عام ١٩٩٧وهي معاهدة تضم كل الدول العالم تقريباً (١٩٣ دولة طرف في الاتفاقية) وأكثر شمولاً من بروتوكول جنيف، حيث لا تحظر فقط استخدام الأسلحة الكيماوية وإنما أيضاً تطوير وإنتاج وتخزين ونقل الأسلحة الكيميائية وتتطلب تدميرها خلال فترة زمنية محددة.
أيضاً هناك إجماع كبير بين دول العالم على إدانة استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام السوري وضرورة محاسبة الأفراد المسؤولين. أدى استخدام الأسلحة الكيمياوية من قبل النظام السوري إلى تصويت غير مسبوق على تعليق حقوق وامتيازات التصويت لسوريا في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في عام ٢٠٢١، وهي مبادرة رعتها ٤٦ دولة وصوتت لصالحها ٨٧ دولة وعارضتها ١٥ دولة فقط. أيضاً تبنى مجلس الأمن عدة قرارات تؤكد أن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وأنه لا بد من محاسبة جميع الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا (القرارات ٢١١٨/٢٠١٣، ٢٢٠٩/٢٠١٥، ٢٣١٤/٢٠١٦، ٢٣١٩/٢٠١٦). في نفس السياق تبنت الجمعية العامة العديد من القرارات التي تؤكد على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا (القرارات ٨٦/١٨٢/٢٠١٣، ٧٠/٤١/٢٠١٥، ٧١/٦٩/٢٠١٦، ٧٢/٤٣/٢٠١٧، ٧٣/٤٥/٢٠١٨، ٧٤/٤٠/٢٠١٩، ٧٤/١٦٩/٢٠١٩، ٧٥/٥٥/٢٠٢٠، ٧٥/١٩٣/٢٠٢٠). رغم كل هذه القرارات لم تجرِ أي محاسبة قضائية حتى الآن.
حجة أخرى من الممكن أن القضاة في فرنسا استندوا إليها لرفض إثارة الحصانة، هي قضية بينوشيه أمام مجلس اللوردات البريطاني. كانت إحدى الحجج التي تقدم بها أحد اللوردات (اللورد Hope) لعدم منح بينوشيه الحصانة هو أنه لا يجوز لدولة موقعة على اتفاقية التعذيب أن تثير موضوع الحصانة أمام محاكم دولة أخرى طرف في المعاهدة في حالة وجود ادعاءات بالتعذيب المنهجي أو واسع النطاق ضد مسؤوليها أو أي شخص آخر يتصرف بصفة رسمية. صحيح أن هذه القضية ناقشت الحصانة الوظيفية لرئيس دولة سابق متهم بارتكاب التعذيب إلا أن هذه الحجة قد تكون ذات صلة في القضية الحالية. سوريا طرف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية وبالتالي من المقبول القول أنه لا يجوز لها أن تتحجج بوجود الحصانة في حال وجود ادعاءات تتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية أمام محاكم دولة أخرى طرف في الاتفاقية.

لا بد من الإشارة أن قرار قضاة التحقيق في فرنسا بتجاوز الحصانة الشخصية وإصدار مذكرة التوقيف ليس قطعياً، ونظرياً من الممكن الطعن بالمذكرة أمام القضاء الفرنسي من قبل المدعي العام أو من الدفاع (في حال تم توكيل محامٍ لتمثيل عن بشار الأسد) وإثارة موضوع الحصانة الشخصية لبشار الأسد، وعندها على القضاء الفرنسي أن يبت فيما إذا كان بشار الأسد يتمتع بالحصانة الشخصية أم لا قبل النظر في موضوع الادعاء. كذلك من الناحية القانونية، يمكن للدولة السورية اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للاعتراض على مذكرة التوقيف الفرنسية على غرار الدعوى التي تقدمت بها الكونغو ضد بلجيكا، أو للاعتراض على أي قرار لاحق يصدر عن القضاء الفرنسي في حال تقرر المضي بالدعوى وأن بشار الأسد لا يتمتع بالحصانة الشخصية أمام المحاكم الوطنية الفرنسية. لذلك ستكون هذه القضية فرصة حقيقية ليس فقط أمام القضاء الفرنسي وإنما أمام دول العالم لإعادة النظر في قواعد الحصانة الشخصية عن الجرائم الدولية الخطيرة وتحقيق العدالة لضحايا هذه الجرائم. بغض النظر عن النتيجة، فإن أي اعتراض أو نقاش قانوني حول موضوع الحصانة أمام المحاكم الدولية أو المحلية سيطرح أمام هذه المحاكم الأدلة الكثيرة حول تورط بشار الأسد في جرائم الكيماوي، وبالتالي فإن حتى التحديات قد التي تشكلها مسألة الحصانة سيكون لها فوائد كبيرة في جهود المناصرة في وقت تحاول فيه بعض الدول التغاضي عن الجرائم في سوريا والتطبيع مع النظام، وهو ما يضيف أيضاً إلى أهمية هذه المذكرة.

أخيراً لا بد من الإشارة أن هناك قضية تم فيها رفض منح الحصانة الشخصية لرئيس دولة من قبل محكمة وطنية، وهي قضية رفعت في الولايات المتحدة الأميركية عام ١٩٩٠ ضد الجنرال مانويل نورييغا رئيس بنما في ذلك الوقت. وهي قضية لا تتعلق بجرائم دولية خطيرة، وإنما بتهم تتعلق بالاتجار بالمخدرات. بنتيجة هذه القضية تم إدانة نورييغا وحُكم عليه بالسجن. لم تستند هذه القضية إلى أن رئيس الدولة الذي مازال في منصبه ليس له الحق في التمسك بالحصانة الشخصية وإنما لم يتم منح الحصانة على أساس أن الحكومة الأمريكية لم تعترف بنورييغا أبداً كرئيس دولة. في الوقت الحالي الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الوحيدة التي تعطي لنفسها الحق في إخضاع مسؤولي الدول لولايتها القضائية على الرغم من أنها ما زالت تعترف بالحصانة الشخصية. حيث يتضمن قانون الحصانات السيادية الأجنبية الأميركي (Foreign Sovereign Immunities Act of 1976) – بموجب تعديل تم اعتماده في عام ١٩٦٦(Flatow Amendment) – بعض الاستثناءات لمبدأ الحصانة. حسب هذا التعديل يمكن مطالبة دولة أجنبية بتعويضات مالية أمام القضاء الأميركي عن الإصابات الشخصية أو الوفاة الناجمة عن أعمال التعذيب، أو القتل خارج القضاء أو تخريب الطائرات أو أخذ الرهائن أو توفير الدعم المادي أو الموارد لمثل هذا العمل في حال تم تصنيف الدولة الأجنبية من قبل الولايات المتحدة كدولة راعية للإرهاب. صحيح أنه لا يمكن القياس على الوضع في الولايات المتحدة الأميركية لتبرير رفع الحصانة الشخصية، إلا أن التوجه الأميركي يؤكد أنه من الممكن أن تقوم الدول بإعادة النظر في مسألة الحصانة الشخصية للرؤساء في حالات معينة، قد يكون ارتكاب الجرائم الدولية بما فيها لاستخدام الأسلحة الكيماوية إحدى هذه الحالات في المستقبل.

خاتمة

يستعرض هذا المقال الحجج القانونية التي قد تبرر منح الحصانة الشخصية لبشار الأسد والتي يمكن أن تثيرها بعض الدول للامتناع عن تنفيذ المذكرة الفرنسية. في نفس الوقت يجادل المقال بأن هناك حجج قوية استند إليها القضاة في فرنسا لتجاوز الحصانة كخطورة الجريمة والإجماع الدولي على ضرورة المحاسبة على استخدام السلاح الكمياوي في سوريا والأدلة القوية على تورط بشار الأسد في الجريمة. قد يكون من مصلحة بعض الدول التمسك بموضوع الحصانة الشخصية المطلقة لمسؤولي الدول أمام المحاكم الوطنية الأجنبية ومعارضة تنفيذ مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد، لأن التنازل عن الحصانة الشخصية والقبول بولاية القضاء الوطني الأجنبي قد يشكل سابقة تفسح المجال أمام العديد من المحاكمات ضد مسؤولين مازالوا في مناصبهم، إلا أنه في المقابل سيكون هناك دول أخرى تدعم هذه المذكرة وتؤيد رفع الحصانة عن رؤساء الدول في حال ارتكابهم جرائم خطيرة ضد القانون الدولي. جهود المناصرة التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني السوري ومجموعات الضحايا قد تلعب دوراً كبيراً في حث الدول على إصدار بيانات واتخاذ مواقف رسمية تؤكد دعمهم للمذكرة وتأييدهم لضرورة رفع الحصانة الشخصية في حالة الجرائم الدولية الخطيرة، وهذا ما قد يكون بداية لممارسة جديدة في القانون الدولي قد تشكل استثناءً لمبدأ الحصانة المطلقة لرؤساء الدول.

أخيراً، بغض النظر عن النقاش حول مدى إلزامية هذه المذكرة بالنسبة لباقي دول العالم لا يمكن أبداً التقليل من أهميتها أو أهمية المحاكمات التي جرت وتجري في أوروبا وفقاً للولاية القضائية العالمية ضد مرتكبي الجرائم الدولية في سوريا. وفرت الولاية القضائية العالمية، وما زالت، آلية مهمة لمحاسبة الجناة ومكافحة الإفلات من العقاب في ظل عدم وجود محكمة دولية ذات اختصاص للنظر في الجرائم الدولية المرتكبة في سوريا، وساهمت وتساهم في مواجهة جهود التطبيع التي يقودها النظام لإعادة تعويم نفسه. هذه المذكرة ما كانت لتصدر لولا الجهود الكبيرة التي قامت بها المنظمات السورية وروابط الضحايا والأدلة القوية التي قدمتها حول تورط بشار الأسد بشكل مباشر في هجمات الكيماوي وهي صادرة عن جهة قضائية مستقلة، وليس سياسية، وبناء على حجج قانونية وبالتالي أثرها سيكون كبير في مواجهة جهود التطبيع وإعادة بعض الدول لعلاقاتها مع بشار الأسد، الذي سينظر له كمجرم “يختبئ” وراء الحصانة.

لتحميل التقرير

بيان مطلب إنشاء محكمة استثنائية لألسلحة الكيميائية

نوفمبر 30, 2023    |   مشاهدات                  |   تحميل التقرير PDF    |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

نحن مجموعة من مؤسسات حقوقية وإنسانية ومدنية سورية، ومن روابط ومجموعات الضحايا وذويهم، والشهود والناجين والناجيات من الهجمات الكيميائية في سوريا،

انطلاقاً من:

1. تعرضنا بشكل مباشر لهذه الأسلحة الفتاكة، والتي تسبب آلاماً وأضراراً شديدة وطويلة الأمد، وتعاملنا الدائم مع تبعاتها سواء عند وقوع هذه الهجمات، أو في المحافل الدولية والمحاكم من خلال جهود الاستجابة والتوثيق والمناصرة والتقاضي ودعم التعافي في الحالات الممكنة.

2. وإيماناً منا أن حالة الإفلات من العقاب السائدة تضعف قوة الاستجابة لجرائم استخدام الأسلحة الكيميائية، وتنهي الحظر المطلق لهذه الأسلحة مما يزيد من احتمال استخدامها في المستقبل، ويضعف مكانة ومصداقية المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بحفظ الأمن والسلام والاستقرار.

وبناء على النقاط التالية:

3. وجود حظر دولي تام لاستخدام الأسلحة الكيميائية مصان في الاتفاقيات والأعراف الدولية.

4. وقوع انتهاكات متكررة لهذه القاعدة العالميّة بطريقة غير مسبوقة في النّزاع السوري.

5. تكدس الأدلّة الدامغة التي قامت منّظمة حظر الأسلحة الكيميائية بجمعها، والتي تشير إلى مسؤولية السلطات السورية عن تسع ضربات منها، وتنظيم الدولة الإسلامية عن ضربتين.

6. قيام الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي أنشأها المجتمع الدولي بالبناء على مثل هذه الأدلة دون وجود محكمة دولية جنائية تستطيع سماعها والبت فيها.

7. عدم قدرة المحكمة الجنائية الدولية البت في هذا الانتهاك الصارخ لأن سوريا لم توقع على قانون إنشاء المحكمة، ولأن محاولة إحالة الملف من قبل مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية قوبل بالفيتو في عام 2014.

8. قدرة الدول ضمن حقوقها السيادية على المحاسبة بشكل جماعي ووجود النصوص الدولية ذات الصلة التي تدعم وتشجع السير بعملية المحاسبة.

9. صرامة القرارات الدولية من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة في سياق محاسبة جميع الأفراد والجهات والحكومات على استخدام الأسلحة الكيميائية، وخاصة قرارات مجلس ٦٨\١٨٢ وقرارات الجمعية العامة٢٣١٩ ،٢٣١٤ ،٢٢٣٥ ،٢٢٠٩ ،٢١١٨ الأمن ،)٢٠١٨( ٧٣\١٨٢ ،)٢٠١٧( ٧٢\٤٣ ،)٢٠١٦( ٧١\٦٩ ،)٢٠١٥( ٧٠\٤١ ،)٢٠١٣( )٢٠٢١( ٧٦\٢٢٨ ،)٢٠١٩( ٧٤\١٦٩ ،)٢٠١٩( ٧٤\٤٠

قامت مجموعات وأفراد منا، منذ استخدام الأسلحة الكيميائية في الصراع السوري، وبشكل مكثف في الآونة الأخيرة بالخطوات التالية:

10. المناصرة تجاه محاسبة جميع الأفراد أو الجهات المتورطة باستخدام الأسلحة الكيمائية.

11. رغم الصعوبات القانونية والإدارية والنفسية التي يعانيها ضحايا الهجمات الكيماوية، إلا أن جهوداً مكثفةً من قبلنا بذلت في مجال التقاضي والمحاسبة أمام المحاكم المحلية في الدول التي وصل لها اللاجئون السوريون، ومن بينهم من نجا من الهجمات الكيماوية، بالاستعانة بمبدأ الولاية القضائية العالمية، أو غيرها من القوانين المحلية التي تدعم مكافحة الإفلات من العقاب في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ومنها الهجمات بالأسلحة الكيماوية، والتي أفضت في واحدة منها إلى صدور مذكرات توقيف بحق الرئيس السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر وضابطين آخرين، أمام المحاكم الفرنسية، ما يعدّ سابقة قضائية تاريخية تستحق الإشادة بجهود وشجاعة الضحايا والشهود.

12. بدء دراسات ونقاشات معمقة لما يمكن فعله للتعامل مع حالة الإفلات من العقاب على المستوى الدولي، ومحاولة طرح الحلول القانونية التي تسعى لتجاوز هذه الحالة.

13. وضع مسودة مقترح لإنشاء محكمة دولية، بهدف المحاسبة الجنائية عن الحالات المثبتة لاستخدام الأسلحة الكيماوية، والتي لا يوجد لها منفذ قضائي جنائي دولي، وهو ما ينطبق على الحالة السورية.

14. إجراء مشاورات مكثفة على مستوى خبراء قانونيين وممثلي حكومات على المستوى التقني والسياسي عالي المستوى، ومؤسسات دولية معنية حول هذا المقترح للتأكد من وجود أساس قانوني وسياساتي داعم له.

و بناء على كل ما ذكر، فإننا، في ٣٠نوفمبر ،٢٠٢٣يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية العالمي:

نطالب الدول بإنشاء محكمة استثنائية للأسلحة الكيميائية، لمحاكمة مستخدمي الأسلحة الكيميائية دوليا في الحالات التي لا يمكن اللجوء فيها إلى المحافل الجنائية القضائية الدولية القائمة، كما هو الحال في سوريا.
للتفاصيل زيارة الموقع: www.cwtribunal.org

البيان الختامي لمؤتمر المجتمع المدني السوري بخصوص األسلحة الكيميائية

نوفمبر 16, 2023    |   مشاهدات                  |   تحميل التقرير PDF    |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

٢٣ تشرين الثاني، ٢٠٢٣
خلال العقد المنصرم، ومنذ التوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية من قبل الجمهورية العربية السورية ممثلةً بالنظام السوري، شهدت سوريا انتهاكات جسيمة لهذه الاتفاقية تمثلت و حسب تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في استخدام متكرر للغازات السامة بما يزيد عن 184 استهداف منذ أيلول 2013، كما ترافقت هذه الاستهدافات مع تطوير الترسانة الكيميائية السورية، مما يمثل خرقًا صارخًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2118 وانتهاك واضحاً وجوهرياً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.

في ظل استمرار هذه الهجمات، تحملنا نحن، مؤسسات المجتمع المدني السوريّة، عاتق وعبء الاستجابة في واقع مأساوي يتسم بنقص الخبرات والمعدات اللازمة وآثار الحرب على البنى التحتية ذات الصلة، بالإضافة الى منهجية الحصار التي فرضها النظام السوري على العديد من المناطق مثل الغوطتين الشرقية والغربية ومدينة حلب، وهو ما أثر بشكل كبير ومباشر على فاعلية الاستجابة لمثل هذه الهجمات.

رغم كل ذلك، وعلى مدار العشر سنوات الماضية تعاونت منظمات المجتمع المدني السوري و مجموعات الناجين والضحايا مع فرق التحقيق الدولية المتعددة التي حققت في هذه الاستهدافات، وإننا إذ نقدر بشكل كبير جهود فرق التحقيق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية على مدار السنوات العشر الماضية، رغم العقبات التي واجهتها، فإننا ندين استراتيجية النظام السوري في التعامل مع الهجمات الكيماويّة. تمثلت هذه الاستراتيجية باستمرار استخدام الغازات السامة، و تطوير الترسانة الكيميائية و عرقلة عمل فرق التحقيق الدوليّة عبر محاولات تضليل المحققين ومنع وصولهم إلى المواقع المستهدفة، بالإضافة إلى ترهيب الشهود وتدمير الأدلة وطمس الحقائق. تزامن كل ذلك مع استمرار روسيا بتوفير الحماية للنظام السوري وتسخير جهودها الدبلوماسية وقدراتها الإعلامية لعرقلة أي مسار اتجاه العدالة بما فيه تقويض مصداقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والطعن المسبق بنتائج التقارير الصادرة عن فرقها المختلفة.

 لقد واجهنا كشهود وناجين وناجيات وذوي ضحايا ومستجيبين تحديّات جمة تمثلت في حملات تضليل وتشويه للحقائق من قبل النظام السوري وحليفه روسيا، بهدف تقويض الحقيقة ومنع الشهود والناجين من الإدلاء بشهاداتهم، عبر عدة حملات دعائية بالتوازي مع حملات أمنية استهدفت الشهود وذوي الضحايا بشكل مباشر عبر منهجية الإخفاء القسري والتهديد بسلب الحياة ومن هذه الممارسات ما ذُكر بشكل واضح في التقرير الثالث لفريق التحقيق و تحديد الهوية IIT التابع منظمة حظر الاسلحة الكيميائية بخصوص حادثة دوما و الصادر في كانون الثاني 2023.

وعليه، فإننا نؤكد على إصرارنا في الاستمرار ببذل كل الجهود الممكنة لدعم هذه التحقيقات و نطالب بتوسيع تفويضها وآلياتها لتشمل التحقيق في كافة الهجمات الكيماويّة. كما نرحب بالجهود المبذولة من خلال الأجهزة القضائية لعدد من البلدان الأوروبيّة التي تتناول قضايا استخدام السلاح الكيماوي من خلال الاختصاص القضائي العالمي، و نطالب الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الحماية والدعم للشهود والناجين وذوي الضحايا إضافة لمنظمات المجتمع المدني السوري التي تلعب دورا مهما في الاستجابة و التوثيق لهذه الهجمات.

كما نؤكد على أن الضمان الوحيد لوقف هذه الانتهاكات وعدم تكرارها حول العالم هو اتخاذ خطوات مشتركة و جمعية لمحاسبة جميع الأطراف التي ساهمت بشكل أو بأخر بخرق اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية والقرارات الدولية ذات الصلة.
وعليه نطالب الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات شاملة ومشتركة وجديّة ، بحسب المادة 12 من اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، بما يتوافق مع القانون الدولي، بغية الوصول إلى آلية مساءلة قضائيّة دولية تحقق العدالة للضحايا وذويهم وتحاسب جميع الأطراف المنخرطة باستخدام السلاح الكيماويّ ضد المدنيين وترسخ مبدأ عدم الإفلات من العقاب

تؤكد المنظمات الموقعة أدناه بما يلي:

1. على الدول الأطراف إعطاء الأولوية للتصدي لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا ضمن الأنشطة المتعلقة بالأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية: إن عدم إحراز تقدم وعدم الامتثال لإعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من السلطات السورية يستدعي المزيد من التدقيق والمساءلة

إن استمرار الإفلات من العقاب بخصوص استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وعدم امتثال الحكومة السورية لتصريحها الأولي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يشكل تهديدا لاستقرار أي سلام مستقبلي للسوريين وسط تجميد النزاع في سوريا ويقوض المعايير الدولية التي تحظر استخدامها. إن عدم إحراز تقدم في معالجة القضايا العالقة في التصريح الأولي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية من قبل الحكومة السورية والإخفاء المستمر للحقيقة يستدعي المزيد من التدقيق والمواصلة في التدقيق، وليس العكس.

2. على الدول الأطراف تقديم المزيد من الدعم للمجتمع المدني السوري في أنشطته في مجال التوثيق وأنشطته القائمة على المساءلة وقدرته على الاستجابة الأولية، بطريقة مستدامة وطويلة الأمد

بعد مرور عشر سنوات على أول هجوم كيميائي في سوريا، بذلت الهيئات التابعة للأمم المتحدة والمنشأة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية جهودا مهمة للتحقيق في انتهاكات اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. اعتمدت هذه النتائج بشكل كبير على جهود منظمات المجتمع المدني السوري، التي لعبت دورا أساسيا في توثيق الهجمات الكيميائية المتعددة، وجمع الأدلة والتعاون على نطاق واسع مع عمليات التحقيق القائمة. على مدى العقد الماضي، استثمرت منظمات المجتمع المدني الإنسانية والطبية السورية أيضا في الاستعداد التنظيمي للاستجابة إلى الهجمات الكيميائية، على الرغم من الظروف الصعبة للغاية.

3. على الدول الأطراف إبطال رواية السلطات السورية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا على أنها غير شرعية، وأن تتخذ الإجراءات المناسبة لضمان عدم استمرار هذه الرواية على حساب الناجين والضحايا.

على الرغم من وجود مجموعة من الأدلة على استخدام الأسلحة الكيميائية، فقد نجحت حملات التضليل والإنكار المستمرة في تشويه الحقائق، وتعريض حياة الناس للخطر، والتسبب في معاناة جديدة ومضاعفة للضحايا، ترقى إلى شكل من أشكال المعاملة اللاإنسانية أو المهينة أو القاسية. وينبغي للدول الأطراف أن ترفض إعطاء المزيد من المساحة والاهتمام لهذه المحاولات التحريفية وأن تتخذ إجراءات لإدانة الإنكار والمعلومات المضللة نظرا لتأثيرها على الضحايا والناجين. والأهم من ذلك، عليها دعم الجهود الجارية والمستقبلية الرامية إلى الاعتراف والإقرار بتجارب الضحايا والناجين وحقيقتهم.

4. على الدول الأطراف ضمان التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2118 لعام 2013

بسبب غضبه العميق من استخدام الأسلحة الكيميائية في دمشق في آب 2013، أيد مجلس الأمن الدولي التدمير السريع لبرنامج الأسلحة الكيميائية السوري، داعيا إلى محاسبة مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة. وبدلا من أن يؤدي القرار إلى إنهاء استخدام الأسلحة الكيميائية، أصبح القرار واحدا فقط من العديد من القرارات التي تدين استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. بعد عقد من أول استخدام للأسلحة الكيميائية في سوريا، حان الوقت للدول الأطراف الجادة لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2118، والعديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي اعتمدها المجتمع الدولي والتي تدعو إلى المساءلة عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة.

5. وفقا للمادة 12 (3) من اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، على الدول الأطراف اتخاذ تدابير جماعية ردا على استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا من خلال مؤتمر الدول الأطراف.

من خلال استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، ارتكبت الحكومة السورية أنشطة محظورة بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. يؤدي استمرار الإفلات من العقاب إلى إلحاق أضرار جسيمة بموضوع وغرض الاتفاقية التي تهدف في الأصل إلى فرض الحظر المطلق على استخدام الأسلحة الكيميائية والمساءلة عن الأفعال أو الإغفالات التي تؤدي إلى انتهاكات للاتفاقية. ولتجنب حدوث أي ضرر آخر لايمكن جبره لغرض الاتفاقية، ينبغي للدول الأطراف إنفاذ المادة 12 (3) واتخاذ تدابير جماعية، وفقا لالتزامات الدول بموجب القانون الدولي.

6. يجب على الدول الأطراف تنفيذ مذكرات التوقيف الدولية التي أصدرتها فرنسا بحق بشار الأسد وماهر الأسد والجنرالين العسكريين غسان عباس وبسام الحسن بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة.

في 15 تشرين الثاني، أصدر قضاة التحقيق الجنائي في فرنسا مذكرات توقيف بحق الرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد واثنين آخرين من كبار المسؤولين بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في الغوطة الشرقية، في آب 2013. تشير مذكرات التوقيف إلى المؤهلات القانونية للتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وينبغي للدول الأطراف إنفاذ مذكرات التوقيف وفقا للالتزام بالمحاكمة أو التسليم وفقا للقانون الدولي العرفي فيما يتعلق بالجرائم المزعومة ضد الإنسانية.

7. في ضوء قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة التي تدعو إلى المساءلة، وفي إطار حقوق الدول والالتزامات المتأصلة في الصكوك الدولية، يجب على الدول اتخاذ خطوات فعالة بشكل جماعي لضمان الملاحقة الدولية لجميع الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وخارجها.

كرس المجتمع المدني السوري جهودا حثيثة لاحتجاز جميع الجناة الأفراد لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى العدالة للضحايا والناجين أكبر من قدرة الآليات القائمة. وهناك حاجة إلى أداة دولية لمساءلة جميع الأفراد على النحو الذي أكدته النتائج التي توصلت إليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ويدعو المجتمع المدني السوري إلى بذل جهود جماعية متعددة الأطراف تجد فيها الدول، الملتزمة بجدية لحماية قاعدة الحظر المطلق لاستخدام الأسلحة الكيميائية، سبلا لمقاضاة استخدام الأسلحة الكيميائية على المستوى الدولي.

أعضاء من المجتمع المدني السوري يلتقون مع مسؤولين رفيعي المستوى، بما في ذلك الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وفاعلين مفتاحيين أوكرانيين، في كييف، لإحياء الذكرى العاشرة لمجزرة الأسلحة الكيميائية في سوريا

اغسطس 25, 2023    |   مشاهدات                    |   تحميل كملف PDF   |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

تزامناً مع الذكرى العاشرة للهجمات الكيميائية عام 2013 على الغوطة في سوريا، وفي إطار الدعوة إلى المساءلة عن جرائم الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتي شجعها الإفلات من العقاب على الجرائم الماضية والمستمرة في سوريا، قام وفد من المجتمع المدني السوري بزيارة كييف لحضور سلسلة من الاجتماعات الرسمية مع مسؤولين رفيعي المستوى وقياديين من المجتمع المدني الأوكراني، اختتمت بالمشاركة في القمة الثالثة لمنصة القرم والحديث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

قام أعضاء الوفد بعدة نشاطات ضمن الزيارة، أهمها:

⦁ حضور القمة الثالثة لمنصة القرم، حيث يجتمع ممثلو الدول من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك رؤساء الدول، لمشاركة رسائل التضامن مع أوكرانيا. التقى ممثلون عن الوفد السوري مع الرئيس زيلينسكي أثناء انعقاد القمة، حيث نقلوا رسالة تضامن من أجل مكافحة الإفلات من العقاب في أوكرانيا وسوريا، مؤكدين أن شعب سوريا الحر يقف ضد الجرائم المرتكبة في أوكرانيا ومع شعبها، بما يتعارض مع موقف النظام السوري الداعم لروسيا. وقدم الوفد للرئيس زيلينسكي هديتين، إحداهما ترمز إلى التهجير القسري واستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا باستخدام ألوان العلم الأوكراني، تم صنعها يدويًا داخل سوريا من قبل الفنان المهجر والناجي من الأسلحة الكيميائية أكرم أبو الفوز، والأخرى عبارة عن خوذة متطوع من متطوعي الخوذ البيضاء استشهد في سوريا، وذلك تعبيراً عن تضحيات الأبطال السوريين والسوريات في مواجهة جرائم النظام السوري وحليفه الروسي.

⦁ عقد لقاء رسمي مع المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين وفريقه المسؤول عن ملفات جرائم الحرب المختلفة والتعاون الدولي والضحايا. ألقى السيد كوستين مداخلة رسمية أكد من خلالها تضامنه مع السوريين، مشيراً للجرائم التي ارتكبت بحقهم من قبل النظام السوري وحليفه الروسي بما في ذلك باستخدام السلاح الكيميائي. وتبادل جميع أعضاء الوفد السوري رسائلهم مع السيد كوستين، معربين عن تضامنهم الثابت مع أوكرانيا في كفاحها ضد الإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتكبتها روسيا، من خلال إظهار ميل روسيا إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم كسياسة تستخدم أفعالها في سوريا كدليل دامغ. ونوقشت أساليب التعاون التي تخدم الملفين السوري والأوكراني على المستوى التقني والسياسي، كما قدم الوفد للسيد كوستين هدية رمزية من داخل سوريا.

⦁ لقاء تاميلا تاشيفا، الممثلة الدائمة لرئيس أوكرانيا في جمهورية القرم ذات بالحكم الذاتي في أوكرانيا، وماريا توماك، رئيسة إدارة منصة القرم. جدد اللقاء التأكيد على التضامن بين الشعبين والدعوة إلى التحرر من الأنظمة الاستبدادية.

⦁ لقاء أولكساندرا ماتفيتشوك رئيسة مركز الحريات المدنية الحائز على جائزة نوبل لعام 2022، ونقاش دور مؤسسات المجتمع المدني في تحقيق العدالة والمساءلة لكلا البلدين.

⦁ زيارة النصب التذكاري لمجزرة بوتشا التي ارتكبها الجيش الروسي في شباط ٢٠٢٢ والتي أدت إلى مقتل نحو ٤٥٨ مدنياً. التقى الوفد بالأب آندريه مسؤول كنيسة بوتشا التي تضم النصب، وشاركه التعزية بضحايا المجزرة، كما أعرب الأب أندريه عن امتنانه للزيارة، مذكراً بأن السوريين يعلمون الكثير عما ما يمر به الأوكرانيون اليوم من خلال ما عايشوه ولا زالوا يعايشونه من انتهاكات.

⦁ زيارة مستشفى ماريوبول الذي تم نقله إلى كييف بعد تدمييره، حيث نجا الطاقم الطبي في هذا المستشفى بأعجوبة من الهجوم الممنهج عليه أثناء اقتحام ماريوبول من قبل القوات الجوية والبرية الروسية. وكنوع من المقاومة، تم إعادة إنشاء هذا المستشفى في كييف إلى أن يتمكن كادره من العودة إلى ديارهم. شكلت الزيارة وقفة تضامن ضمت الأطباء وأعضاء الكادر الطبي ضمن مستشفى ماريوبول مع ممثلي الوفد السوري من الكوادر الطبية الذين تعرضوا لنفس السياسة الروسية الممنهجة في استهداف المشافي، لإرسال رسالة واضحة حول ضرورة وقف استهداف المستشفيات ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.

⦁ لقاء روابط أهالي المختفين قسرياً والسجناء السياسيين المختطفين والمعتقلين من قبل روسيا. تم خلال اللقاء تبادل التضامن واستعراض التجارب الشخصية والدروس المستفادة من سوريا وأوكرانيا كأساس لحملة تضامن مشتركة تطالب بالعدالة لجميع المعتقلين السياسيين حول العالم.

⦁ لقاء الصحفية الأوكرانية الرائدة والحائزة على عدة جوائز، ناتاليا جومينيوك، التي غطت في السابق أحداث الربيع العربي، بما في ذلك سقوط حلب. تبادل الوفد وجهات النظر حول بناء التضامن العام بين السوريين والأوكرانيين. كما قدم للسيدة جومينيوك عربون تقدير من سوريا لجهودها في دعم الرحلة.

⦁ زيارة ميدان الاستقلال في كييف، والذي كان موقعًا رئيسيًا لمقاومة أوكرانيا ضد الأنظمة الاستبدادية السابقة. وجدد الوفد التزامه بمواصلة النضال من أجل بناء سوريا ديمقراطية تقوم على سيادة القانون وحقوق الإنسان.
حول الزيارة، قال رائد الصالح، رئيس منظمة الخوذ البيضاء: “دأبت روسيا منذ تدخلها في سوريا لدعم نظام الأسد، على استهداف البنى التحتية والعاملين في المجال الإنساني وانتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني وتطبيق سياسة العقاب الجماعي وتدمير المدن ومحاصرتها، واتباع سياسة التضليل الإعلامي، وهي تطبق هذه التكتيكات الوحشية في أوكرانيا الآن، نحن بحاجة لتحقيق العدالة والسعي إليها بإصرار حتى لا يشعر أي دكتاتور أو بلد أن لديه الضوء الأخضر لارتكاب الفظائع والانتهاكات والإفلات من العقاب.”

وقال ثائر حجازي، المدافع عن حقوق الإنسان الذي نجا ووثق الهجمات الكيميائية في سوريا: “منذ عشر سنوات، كنت أحد المستجيبين للهجوم الكيميائي للنظام السوري المدعوم روسياً في الغوطة، كما عملت على توثيق الأدلة حوله. اليوم، أنا هنا لدعم الجهود الحاسمة التي يبذلها زملاؤنا الأوكرانيون في محاسبة روسيا على جرائم الحرب المستمرة التي ترتكبها.”

مخرجة الأفلام السورية الحائزة على جوائز، وعد الخطيب، التي شاركت في الزيارة قالت: “لقد قمت بتوثيق الهجمات على المستشفيات والعاملين في المجال الصحي، والتي كانت جزءً من استراتيجية عسكرية روسية في سوريا لتدمير قدرة المجتمع بأكمله على الصمود؛ ويتم استخدام نفس الإستراتيجية بشكل متكرر في أوكرانيا اليوم. نحن هنا لنثبت أنهم لم ينتصروا في كسر إرادتنا، ولن يفعلوا ذلك. نحن هنا لمواصلة النضال من أجل العدالة والمساءلة.”

وقال فضل عبد الغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “في هذه الزيارة، سلمت قائمة بأكثر من سبعة آلاف من الضحايا السوريين الذين قتلوا على يد الجيش الروسي. نحن هنا لتكريمهم وتكريم جميع الضحايا الأوكرانيين من خلال دعمنا للأوكرانيين في جهود المساءلة ضد جرائم الحرب الروسية. إن محاسبة الجناة تتطلب منا توحيد الجهود من أجل العدالة.”

وقالت عفراء هاشم، الناشطة في حملة سوريا والمهجرة قسراً من شرق حلب: “أنا مدافعة عن حقوق الإنسان، تم تهجيري مع أطفالي الثلاثة قسراً على يد النظام السوري وحلفائه الروس. هذه الجريمة، التي لن أنسى عواقبها أبدًا، قدمتها روسيا على أنها عملية إجلاء إنساني، في حين أنها كانت في الواقع إحدى تكتيكاتها الحربية للسيطرة على مدينتي. أنا هنا لدعم العائلات الأوكرانية في كفاحهم من أجل الوصول إلى العدالة والعيش بأمان في منازلهم.”

نسقت هذه الزيارة بمبادرة وتنظيم وتمويل سوري. وقد نظمتها كل من مدنية والمجلس السوري البريطاني، وذلك بمبادرة من المحامي السوري البريطاني ابراهيم العلبي، وبدعم كل من الخوذ البيضاء، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، والبرنامج السوري للتطوير القانوني، والتحالف الأميركي من أجل سوريا، والجمعية الطبية السورية البريطانية، ومنظمة أكشن فور سما، وحملة من أجل سوريا، ورابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية في سوريا، وحملة لا تخنقوا الحقيقة. وقد تم تسهيل ذلك من خلال الدعم الكريم الذي قدمه مكتب المراسم البروتوكولية التابع للمدعي العام في أوكرانيا، وبمساعدة مؤسسة ذي ريكونينج بروجيكت.

النهاية
أسماء الوفد أدناه

⦁ آمنة خولاني: مدافعة عن حقوق الإنسان، نائبة رئيس مجلس إدارة مدنية، ومؤسسة مشاركة لحركة عائلات من أجل الحرية. تلقت جائزة المرأة الشجاعة الدولية من الإدارة الأميركية.

⦁ إبراهيم علبي (رئيس الوفد): رئيس مجلس إدارة البرنامج السوري للتطوير القانوني وعضو مجلس إدارة مدنية والمجلس السوري البريطاني. هو المستشار القانوني لمؤسسة ذي ريكونينج بروجكت ومحامي مع غارنيكا ٣٧.

⦁ ثائر حجازي: مدافع عن حقوق الإنسان حاصل على جائزة ماريان للمدافعين عن الحقوق الإنسان من قبل الرئيس الفرنسي. نجا من ضربات غاز السارين عام ٢٠١٣ وغاز الكلور عام ٢٠١٨ على الغوطة، ووثق الأدلة حولهما كما شارك بتأسيس رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية في سوريا.

⦁ رائد الصالح: رئيس الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)؛ وهي مؤسسة إنسانية تكرس عملها في مساعدة المجتمعات في سوريا، تضم أكثر من ثلاثة آلاف متطوع ومتطوعة يعملون لإنقاذ المدنيين وخدمتهم ومساعدتهم على الاستقرار والسعي لتحقيق العدالة لهم.

⦁ زكي لبابيدي: رئيس العلاقات الدولية في المجلس السوري الأميركي، وهي أكبر مؤسسة قاعدية في الولايات المتحدة الأميركية، وعضو مجلس إدارة التحالف الأميركي من أجل سوريا، وهو يقود عمل المؤسسة مع شركائها ونظرائها الدوليين.

⦁ سليم نمور: جراح مهجر من الغوطة الشرقية، نجى ووثق مجازر الأسلحة الكيميائية فيها. هو رئيس رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية في سوريا، أسس مشفى الكهف، والمكتب الطبي الموحد في الغوطة

⦁ سوسن أبو زين الدين: المديرة التنفيذية لمدنية، وهي مظلة تجمع أكثر من مئتي مؤسسة مدنية سورية تعمل عبر القطاعات والجغرافيات المختلفة داحل وخارج سوريا للمطالبة بالأحقية السياسية للفضاء المدني السوري.

⦁ عبد الكريم اقزيز: خبير في الأنظمة الصحية والأمن الصحي في جامعة كينجز كوليدج لندن. وهو أمين سر الجمعية الطبية السورية البريطانية ونائب رئيس الشبكة السورية للصحة العامة. أسس بعض المستشفيات الميدانية الأولى في شمال سوريا حيث كان شاهدا على الهجمات المباشرة على المستشفيات.

⦁ عفراء هاشم: ناشطة ومدافعة عن حقوق الإنسان، تعمل ضمن مجموعة الحقوق ضمن حملة من أجل سوريا، وهي عضوة مجلس إدارة في حملة لا تخنقوا الحقيقة التي تسعى لمناهضة إنكار مجازر السلاح الكيميائي في سوريا.
⦁ فضل عبد الغني: رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي وثقت تقاريرها انتهاكات القوات الروسية في سوريا، واستخدمت كمرجعية في عمل العديد من الجهات الدولية.

⦁ مازن غريبة: المدير التنفيذي للمجلس السوري البريطاني، باحث في كلية لندن للاقتصاد، وممثل عن المجتمع المدني ضمن اللجنة الدستورية.

⦁ هيثم الحموي: رئيس إدارة المجلس السوري البريطاني، وهو مؤسسة سورية بريطانية تعمل كلوبي سياسي مع الحكومة البريطانية وحكومات أخرى من أجل تحقيق العدالة والديقراطية في سوريا بما في ذلك من خلال تسليط الضوء على جرائم الحرب التي ترتكبها روسيا في سوريا.

⦁ وعد الخطيب: مخرجة سورية وصانعة أفلام، حاز فيلمها الأول من أجل سما على الكثير من الإشادة من النقاد في جميع أنحاء العالم، وفاز بالعديد من الجوائز، بما في ذلك أفضل فيلم وثائقي في جوائز البافتا وترشيح لأفضل وثائقي في حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام ٢٠٢٠. تم إدراج اسمها في قائمة التايم ١٠٠ لعام ٢٠٢٠ لأكثر الأشخاص تأثيرًا.

لا عدالة للتعذيب في سوريا : تحليل لقانون تجريم التعذيب لعام 2022 من خلال منظور حقوق الضحايا

أكتوبر 16, 2023    |   مشاهدات                  |   تحميل التقرير PDF    |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

اعداد وحدة الدعم بالقانون الدولي في البرنامج السوري للتطوير القانوني و مكتب سوريا الإقليمي في مركز دياكونيا للقانون الدولي الإنساني
تاريخ الإصدار 17 تشرين الأول 2023

. الملخص التنفيذي

في كانون الثاني/ يناير 2022، رأت محكمة كوبلنز الإقليمية العليا أنّ السلطات السورية ارتكبت بشكل منهجي التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (سوء المعاملة) في مراكز الاحتجاز. (1) منذ بدء الانتفاضة في عام 2011 والنزاع المسلح الذي تلاها وثّقت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية على نطاق واسع استخدام السلطات السورية، ولا سيما أجهزة الاستخبارات والأمن، التعذيب ضد المدنيين، بمن فيهم المعارضون السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان. كما وثّقت لجنة التحقيق استخدام التعذيب وسوء المعاملة من قبل الجماعات المسلحة من غير الدول، مثل الجيش السوري الحر، والجيش الوطني السوري، وقوات سوريا الديمقراطية، وهيئة تحرير الشام، والدولة الإسلامية في العراق والشام.

وقد دأبَ وكلاء الدولة المسؤولون عن هذه الأفعال على التهرُّب من العدالة مستفيدين من العقبات الهيكلية والتشريعية التي تحول دون إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة، والتي تأسَسَت ظاهرة الإفلات من العقاب. كما لم يجرِ التحقيق في أفعال التعذيب وسوء المعاملة التي ترتكبها الجماعات المسلحة من غير الدول أو مقاضاة مرتكبيها. وهذا ينتهك التزام الدولة بالتحقيق في مزاعم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ومقاضاة الجناة المشتبه بهم، وتوفير سبل انتصافٍ فعَّالة للضحايا. ونتيجة لذلك، تُرِك ضحايا التعذيب وسوء المعاملة والناجين منه دون إمكانية الحصول على سبل الانتصاف أو التعويضات أو الاعتراف بأضرارهم وتجاربهم.

ودأبت السلطات السورية على نفي ادّعاءات التعذيب وسوء المعاملة، زاعمةً أنّ المحتجزين يعامَلون معاملة إنسانية وأنّ التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون بالشكل المناسب. كما زعمت السلطات السورية أنّ اتفاقية مناهضة التعذيب جزء من تشريعاتها المحلية ولها الأسبقية على القوانين الوطنية في حالة النزاع. ومع ذلك، على رغم ادّعاء السلطات السورية أنّ القوانين المحلية كانت كافية بالفعل لتجريم التعذيب، فقد سنَّت قانون تجريم التعذيب المؤرخ 29 آذار/ مارس 2022 (يشار إليه فيما يلي بقانون تجريم التعذيب). ولئن كان القانون الجديد يفرض عقوبات أكثر صرامة ويمكن اعتباره خطوة إيجابية نحو تجريم التعذيب بشكل شامل في سوريا، إلا أنّه لا يمكن قراءته بمعزل عن القوانين الأخرى المعمول بها، ولا سيما تلك التي تمنح الحصانة لموظفي الدولة.

تحلل هذه الورقة فشل السلطات السورية في الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي على الرغم من اعتماد قانون تجريم التعذيب الجديد. وتجادل الورقة بأنّ قانون تجريم التعذيب الجديد فَشِل في:

– ضمان الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على النحو المطلوب بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والتزامات سوريا بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

– التجريم الصريح للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على النحو المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب، وبالتالي عرقلة الاعتراف بضحايا سوء المعاملة على هذا النحو أمام القانون وعرقلة وصولهم تالياً إلى سُبل الانتصاف والعدالة.

– معالجة الاختفاء القسري كشكل من أشكال التعذيب، وبالتالي عدم الاعتراف بالأثر المحدد للاختفاء القسري على الأسر السورية وتوفير سبل الانتصاف لضحايا الاختفاء القسري وأسرهم.

– وضع حد للإفلات من العقاب الذي يتمتع به أفراد الجيش السوري واستخباراته وقوى الأمن الداخلي ومديرية المخابرات العامة، وبالتالي انتهاك حق الضحايا في التحقيق والوصول إلى الانتصاف القضائي.

– توفير الإنصاف والجبر الكاملَين والفعالَين لضحايا التعذيب، بما في ذلك ردُّ الحقوق والتعويض وإعادة التأهيل والترضية والحق في معرفة الحقيقة وضمانات عدم التكرار.

تجادل هذه الورقة بأنّ ضحايا التعذيب وسوء المعاملة في سوريا سيظلون يواجهون عقبات كبيرة في السعي لتحقيق العدالة والإنصاف على الرغم من قانون تجريم التعذيب الجديد. وتثير مسألة تطبيق القانون بأثر رجعي على ادّعاءات التعذيب السابقة مخاوف بشأن حماية الجناة بمزيد من الحصانة وكذلك بشأن كفاية القانون نفسه لمقاضاة مرتكبي تلك الجرائم وإنصاف الضحايا. علاوة على ذلك، فإنّ فرض عقوبات أكثر صرامة لا يكفي وحده لمعالجة الاستخدام المنهجي للتعذيب في سوريا. ثمّة حاجة إلى تدابير أكثر شمولاً لمعالجة الانتهاكات السابقة، ومعالجة الأسباب الجذرية للتعذيب، ومحاسبة الجناة، وتوفير الجبر والتعويض للضحايا، وضمان عدم التكرار. يُخفِقُ قانون تجريم التعذيب الجديد في معالجة هذه القضايا الحرجة، إذ يتعامل مع التعذيب على أنه استثناء وليس سياسة واسعة النطاق ومنهجية في سوريا.


محكمة كوبلنز الإقليمية العليا، السجن مدى الحياة بسبب الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والقتل – الحكم على عضو مشتبه به في الاستخبارات السرية السورية (17 كانون الثاني/يناير 2022) متاح على:
https://olgko.justiz.rlp.de/presse-aktuelles/detail/life-imprisonment-due-to-crimes-committed-against-humanity-and-murder-sentencing-of-a-suspected-member-of-the-syrian-secret-service

أعضاء من المجتمع المدني السوري يلتقون مع مسؤولين رفيعي المستوى، بما في ذلك الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وفاعلين مفتاحيين أوكرانيين، في كييف، لإحياء الذكرى العاشرة لمجزرة الأسلحة الكيميائية في سوريا

اغسطس 25, 2023    |   مشاهدات [jp_post_view]   |   تحميل كملف PDF   |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

تزامناً مع الذكرى العاشرة للهجمات الكيميائية عام 2013 على الغوطة في سوريا، وفي إطار الدعوة إلى المساءلة عن جرائم الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتي شجعها الإفلات من العقاب على الجرائم الماضية والمستمرة في سوريا، قام وفد من المجتمع المدني السوري بزيارة كييف لحضور سلسلة من الاجتماعات الرسمية مع مسؤولين رفيعي المستوى وقياديين من المجتمع المدني الأوكراني، اختتمت بالمشاركة في القمة الثالثة لمنصة القرم والحديث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

قام أعضاء الوفد بعدة نشاطات ضمن الزيارة، أهمها:

⦁ حضور القمة الثالثة لمنصة القرم، حيث يجتمع ممثلو الدول من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك رؤساء الدول، لمشاركة رسائل التضامن مع أوكرانيا. التقى ممثلون عن الوفد السوري مع الرئيس زيلينسكي أثناء انعقاد القمة، حيث نقلوا رسالة تضامن من أجل مكافحة الإفلات من العقاب في أوكرانيا وسوريا، مؤكدين أن شعب سوريا الحر يقف ضد الجرائم المرتكبة في أوكرانيا ومع شعبها، بما يتعارض مع موقف النظام السوري الداعم لروسيا. وقدم الوفد للرئيس زيلينسكي هديتين، إحداهما ترمز إلى التهجير القسري واستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا باستخدام ألوان العلم الأوكراني، تم صنعها يدويًا داخل سوريا من قبل الفنان المهجر والناجي من الأسلحة الكيميائية أكرم أبو الفوز، والأخرى عبارة عن خوذة متطوع من متطوعي الخوذ البيضاء استشهد في سوريا، وذلك تعبيراً عن تضحيات الأبطال السوريين والسوريات في مواجهة جرائم النظام السوري وحليفه الروسي.

⦁ عقد لقاء رسمي مع المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين وفريقه المسؤول عن ملفات جرائم الحرب المختلفة والتعاون الدولي والضحايا. ألقى السيد كوستين مداخلة رسمية أكد من خلالها تضامنه مع السوريين، مشيراً للجرائم التي ارتكبت بحقهم من قبل النظام السوري وحليفه الروسي بما في ذلك باستخدام السلاح الكيميائي. وتبادل جميع أعضاء الوفد السوري رسائلهم مع السيد كوستين، معربين عن تضامنهم الثابت مع أوكرانيا في كفاحها ضد الإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتكبتها روسيا، من خلال إظهار ميل روسيا إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم كسياسة تستخدم أفعالها في سوريا كدليل دامغ. ونوقشت أساليب التعاون التي تخدم الملفين السوري والأوكراني على المستوى التقني والسياسي، كما قدم الوفد للسيد كوستين هدية رمزية من داخل سوريا.

⦁ لقاء تاميلا تاشيفا، الممثلة الدائمة لرئيس أوكرانيا في جمهورية القرم ذات بالحكم الذاتي في أوكرانيا، وماريا توماك، رئيسة إدارة منصة القرم. جدد اللقاء التأكيد على التضامن بين الشعبين والدعوة إلى التحرر من الأنظمة الاستبدادية.

⦁ لقاء أولكساندرا ماتفيتشوك رئيسة مركز الحريات المدنية الحائز على جائزة نوبل لعام 2022، ونقاش دور مؤسسات المجتمع المدني في تحقيق العدالة والمساءلة لكلا البلدين.

⦁ زيارة النصب التذكاري لمجزرة بوتشا التي ارتكبها الجيش الروسي في شباط ٢٠٢٢ والتي أدت إلى مقتل نحو ٤٥٨ مدنياً. التقى الوفد بالأب آندريه مسؤول كنيسة بوتشا التي تضم النصب، وشاركه التعزية بضحايا المجزرة، كما أعرب الأب أندريه عن امتنانه للزيارة، مذكراً بأن السوريين يعلمون الكثير عما ما يمر به الأوكرانيون اليوم من خلال ما عايشوه ولا زالوا يعايشونه من انتهاكات.

⦁ زيارة مستشفى ماريوبول الذي تم نقله إلى كييف بعد تدمييره، حيث نجا الطاقم الطبي في هذا المستشفى بأعجوبة من الهجوم الممنهج عليه أثناء اقتحام ماريوبول من قبل القوات الجوية والبرية الروسية. وكنوع من المقاومة، تم إعادة إنشاء هذا المستشفى في كييف إلى أن يتمكن كادره من العودة إلى ديارهم. شكلت الزيارة وقفة تضامن ضمت الأطباء وأعضاء الكادر الطبي ضمن مستشفى ماريوبول مع ممثلي الوفد السوري من الكوادر الطبية الذين تعرضوا لنفس السياسة الروسية الممنهجة في استهداف المشافي، لإرسال رسالة واضحة حول ضرورة وقف استهداف المستشفيات ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.

⦁ لقاء روابط أهالي المختفين قسرياً والسجناء السياسيين المختطفين والمعتقلين من قبل روسيا. تم خلال اللقاء تبادل التضامن واستعراض التجارب الشخصية والدروس المستفادة من سوريا وأوكرانيا كأساس لحملة تضامن مشتركة تطالب بالعدالة لجميع المعتقلين السياسيين حول العالم.

⦁ لقاء الصحفية الأوكرانية الرائدة والحائزة على عدة جوائز، ناتاليا جومينيوك، التي غطت في السابق أحداث الربيع العربي، بما في ذلك سقوط حلب. تبادل الوفد وجهات النظر حول بناء التضامن العام بين السوريين والأوكرانيين. كما قدم للسيدة جومينيوك عربون تقدير من سوريا لجهودها في دعم الرحلة.

⦁ زيارة ميدان الاستقلال في كييف، والذي كان موقعًا رئيسيًا لمقاومة أوكرانيا ضد الأنظمة الاستبدادية السابقة. وجدد الوفد التزامه بمواصلة النضال من أجل بناء سوريا ديمقراطية تقوم على سيادة القانون وحقوق الإنسان.
حول الزيارة، قال رائد الصالح، رئيس منظمة الخوذ البيضاء: “دأبت روسيا منذ تدخلها في سوريا لدعم نظام الأسد، على استهداف البنى التحتية والعاملين في المجال الإنساني وانتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني وتطبيق سياسة العقاب الجماعي وتدمير المدن ومحاصرتها، واتباع سياسة التضليل الإعلامي، وهي تطبق هذه التكتيكات الوحشية في أوكرانيا الآن، نحن بحاجة لتحقيق العدالة والسعي إليها بإصرار حتى لا يشعر أي دكتاتور أو بلد أن لديه الضوء الأخضر لارتكاب الفظائع والانتهاكات والإفلات من العقاب.”

وقال ثائر حجازي، المدافع عن حقوق الإنسان الذي نجا ووثق الهجمات الكيميائية في سوريا: “منذ عشر سنوات، كنت أحد المستجيبين للهجوم الكيميائي للنظام السوري المدعوم روسياً في الغوطة، كما عملت على توثيق الأدلة حوله. اليوم، أنا هنا لدعم الجهود الحاسمة التي يبذلها زملاؤنا الأوكرانيون في محاسبة روسيا على جرائم الحرب المستمرة التي ترتكبها.”

مخرجة الأفلام السورية الحائزة على جوائز، وعد الخطيب، التي شاركت في الزيارة قالت: “لقد قمت بتوثيق الهجمات على المستشفيات والعاملين في المجال الصحي، والتي كانت جزءً من استراتيجية عسكرية روسية في سوريا لتدمير قدرة المجتمع بأكمله على الصمود؛ ويتم استخدام نفس الإستراتيجية بشكل متكرر في أوكرانيا اليوم. نحن هنا لنثبت أنهم لم ينتصروا في كسر إرادتنا، ولن يفعلوا ذلك. نحن هنا لمواصلة النضال من أجل العدالة والمساءلة.”

وقال فضل عبد الغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “في هذه الزيارة، سلمت قائمة بأكثر من سبعة آلاف من الضحايا السوريين الذين قتلوا على يد الجيش الروسي. نحن هنا لتكريمهم وتكريم جميع الضحايا الأوكرانيين من خلال دعمنا للأوكرانيين في جهود المساءلة ضد جرائم الحرب الروسية. إن محاسبة الجناة تتطلب منا توحيد الجهود من أجل العدالة.”

وقالت عفراء هاشم، الناشطة في حملة سوريا والمهجرة قسراً من شرق حلب: “أنا مدافعة عن حقوق الإنسان، تم تهجيري مع أطفالي الثلاثة قسراً على يد النظام السوري وحلفائه الروس. هذه الجريمة، التي لن أنسى عواقبها أبدًا، قدمتها روسيا على أنها عملية إجلاء إنساني، في حين أنها كانت في الواقع إحدى تكتيكاتها الحربية للسيطرة على مدينتي. أنا هنا لدعم العائلات الأوكرانية في كفاحهم من أجل الوصول إلى العدالة والعيش بأمان في منازلهم.”

نسقت هذه الزيارة بمبادرة وتنظيم وتمويل سوري. وقد نظمتها كل من مدنية والمجلس السوري البريطاني، وذلك بمبادرة من المحامي السوري البريطاني ابراهيم العلبي، وبدعم كل من الخوذ البيضاء، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، والبرنامج السوري للتطوير القانوني، والتحالف الأميركي من أجل سوريا، والجمعية الطبية السورية البريطانية، ومنظمة أكشن فور سما، وحملة من أجل سوريا، ورابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية في سوريا، وحملة لا تخنقوا الحقيقة. وقد تم تسهيل ذلك من خلال الدعم الكريم الذي قدمه مكتب المراسم البروتوكولية التابع للمدعي العام في أوكرانيا، وبمساعدة مؤسسة ذي ريكونينج بروجيكت.

النهاية
أسماء الوفد أدناه

⦁ آمنة خولاني: مدافعة عن حقوق الإنسان، نائبة رئيس مجلس إدارة مدنية، ومؤسسة مشاركة لحركة عائلات من أجل الحرية. تلقت جائزة المرأة الشجاعة الدولية من الإدارة الأميركية.

⦁ إبراهيم علبي (رئيس الوفد): رئيس مجلس إدارة البرنامج السوري للتطوير القانوني وعضو مجلس إدارة مدنية والمجلس السوري البريطاني. هو المستشار القانوني لمؤسسة ذي ريكونينج بروجكت ومحامي مع غارنيكا ٣٧.

⦁ ثائر حجازي: مدافع عن حقوق الإنسان حاصل على جائزة ماريان للمدافعين عن الحقوق الإنسان من قبل الرئيس الفرنسي. نجا من ضربات غاز السارين عام ٢٠١٣ وغاز الكلور عام ٢٠١٨ على الغوطة، ووثق الأدلة حولهما كما شارك بتأسيس رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية في سوريا.

⦁ رائد الصالح: رئيس الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)؛ وهي مؤسسة إنسانية تكرس عملها في مساعدة المجتمعات في سوريا، تضم أكثر من ثلاثة آلاف متطوع ومتطوعة يعملون لإنقاذ المدنيين وخدمتهم ومساعدتهم على الاستقرار والسعي لتحقيق العدالة لهم.

⦁ زكي لبابيدي: رئيس العلاقات الدولية في المجلس السوري الأميركي، وهي أكبر مؤسسة قاعدية في الولايات المتحدة الأميركية، وعضو مجلس إدارة التحالف الأميركي من أجل سوريا، وهو يقود عمل المؤسسة مع شركائها ونظرائها الدوليين.

⦁ سليم نمور: جراح مهجر من الغوطة الشرقية، نجى ووثق مجازر الأسلحة الكيميائية فيها. هو رئيس رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية في سوريا، أسس مشفى الكهف، والمكتب الطبي الموحد في الغوطة

⦁ سوسن أبو زين الدين: المديرة التنفيذية لمدنية، وهي مظلة تجمع أكثر من مئتي مؤسسة مدنية سورية تعمل عبر القطاعات والجغرافيات المختلفة داحل وخارج سوريا للمطالبة بالأحقية السياسية للفضاء المدني السوري.

⦁ عبد الكريم اقزيز: خبير في الأنظمة الصحية والأمن الصحي في جامعة كينجز كوليدج لندن. وهو أمين سر الجمعية الطبية السورية البريطانية ونائب رئيس الشبكة السورية للصحة العامة. أسس بعض المستشفيات الميدانية الأولى في شمال سوريا حيث كان شاهدا على الهجمات المباشرة على المستشفيات.

⦁ عفراء هاشم: ناشطة ومدافعة عن حقوق الإنسان، تعمل ضمن مجموعة الحقوق ضمن حملة من أجل سوريا، وهي عضوة مجلس إدارة في حملة لا تخنقوا الحقيقة التي تسعى لمناهضة إنكار مجازر السلاح الكيميائي في سوريا.
⦁ فضل عبد الغني: رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي وثقت تقاريرها انتهاكات القوات الروسية في سوريا، واستخدمت كمرجعية في عمل العديد من الجهات الدولية.

⦁ مازن غريبة: المدير التنفيذي للمجلس السوري البريطاني، باحث في كلية لندن للاقتصاد، وممثل عن المجتمع المدني ضمن اللجنة الدستورية.

⦁ هيثم الحموي: رئيس إدارة المجلس السوري البريطاني، وهو مؤسسة سورية بريطانية تعمل كلوبي سياسي مع الحكومة البريطانية وحكومات أخرى من أجل تحقيق العدالة والديقراطية في سوريا بما في ذلك من خلال تسليط الضوء على جرائم الحرب التي ترتكبها روسيا في سوريا.

⦁ وعد الخطيب: مخرجة سورية وصانعة أفلام، حاز فيلمها الأول من أجل سما على الكثير من الإشادة من النقاد في جميع أنحاء العالم، وفاز بالعديد من الجوائز، بما في ذلك أفضل فيلم وثائقي في جوائز البافتا وترشيح لأفضل وثائقي في حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام ٢٠٢٠. تم إدراج اسمها في قائمة التايم ١٠٠ لعام ٢٠٢٠ لأكثر الأشخاص تأثيرًا.

بيان مشترك لمنظمات المجتمع المدني السوري والدولي

يونيو 27, 2023    |   مشاهدات                   |   تحميل كملف PDF   |   هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية

بيــان مشــترك لمنظمــات المجتمــع المدنــي الســوري والدولــي بشــأن بــدء الإجــراءات وتأجيــل موعــد جلســة الاســتماع العلنــي للنظــر فــي طلــب التدابيــر
المؤقتــة بشــأن أعمــال التعذيــب فــي ســوريا أمــام محكمــة العــدل الدوليــة

– نشـيد نحــن الموقعــون منظمــات المجتمــع المدنــي الســوري والمنظمــات الدوليــة ببــدء الإجـراءات المتعلقـة بتطبيـق اتفاقيـة مناهضـة التعذيـب ضـد النظـام السـوري أمـام محكمـة العــدل الدوليــة مــن قبــل هولنــدا وكنــدا. إن مباشــرة الإجــراءات ضــد النظــام الســوري بشــأن ُ مسـؤولية الدولـة عـن أعمـال التعذيـب تتمـم جهـود المسـاءلة المتواصلة بموجـب الاختصاص ّ القضائـي العالمـي. وهـي تمهـد الطريـق لمزيـد مـن الاعتـراف بسياسـة الدولـة التـي ينتهجهـا النظــام الســوري فــي التعذيــب و مــع ذلــك، نعــرب عــن دهشــتنا وقلقنــا إزاء تأجيــل جلســات الاســتماع العلنيــة لمــدة 3 أشــهر بشــأن التدابيــر المؤقتــة نظــرا للحاجــة الملحــة لمعالجــة الانتهــاكات المســتمرة لاتفاقيــة مناهضــة التعذيــب.

– منــذ عــام، 2011 ارتكــب النظــام الســوري التعذيــب وســوء المعاملــة بنحــو ُممنهــج، فــي انتهــاك صــارخ لاتفاقيــة مناهضــة التعذيــب. حيــث أشــارت لجنــة التحقيــق الدوليــة المســتقلة بشــأن الجمهوريــة العربيــة الســورية إلــى أنــه مــن النــادر للغايــة العثــور علــى شــخص احتجــزه النظـام السـوري ولـم يتعـرض للتعذيـب الشـديد. ويتنـاول الطلـب المقـدم مـن هولنـدا وكنـدا انتهـاكات التعذيـب وسـوء المعاملـة التـي تعـرض لهـا المدنيـون علـى أيـدي النظـام السـوري، بمـا فـي ذلـك مـن خـال تنـاول أشـكال محـددة مـن التعذيـب، مثـل العنـف الجنسـي والإخفـاء القسـري، و مـن خـال الإشـارة إلـى اسـتخدام السـاح الكيمـاوي الـذي نتـج عنـه “معانـاة جسـدية ونفسـية جسـيمة.” وفـي هـذا الصـدد، يرحـب المجتمـع المدنـي السـوري بـإدراج الإخفـاء القسـري فــي القضيــة كأول حالــة يمكــن فيهــا إســناد مســؤولية النظــام الســوري عــن الإخفــاء القســري إلـى محكمـة.

– طيلـة مـا يزيـد علـى عقـد مـن الزمـان، كان المجتمـع المدنـي والمنظمـات الحقوقيـة السـورية فــي طليعة جهتــود توثيــق الانتهــاكات فــي ســوريا وإيجــاد فـُـرص لمحاسبة النظام الســوري علــى جرائمــه. وفــي عامــي 2021 و ،2022 ثبتــت مســؤولية مســؤولي الدولــة عــن جرائــم تعذيــب ضـد الإنسـانية أمـام المحاكـم الألمانيـة بموجـب المسـؤولية الجنائيـة الفرديـة فـي قضيتـي أنـور. وإيــاد ا،. مــع وجــود قضيــة إضافيــة بحــق عــلاء م. مــا تــزال جاريــة. وفــي عــام ، َ 2023 أمــر ُ قضــاة التحقيــق فــي محكمــة باريــس القضائيــة باتهــام علــي مملــوك وجميــل حســن وعبــد الســام محمــود أمــام محكمــة باريــس الجنايــات بارتــكاب أعمــال تعذيــب واحتجــاز تعســفي وإخفــاء َ قسـري فـي حـق مواطنيـن سـوريين فرنسـيين قتـلا تحـت التعذيـب علـى يـد النظـام السـوري. وقـد أكـدت هـذه الحـالات أن أعمـال التعذيـب المرتكبـة فـي سـوريا لـم تكـن أعمـالا فرديـة لأفـرادً يتصرفــون مــن تلقــاء أنفســهم، بــل كانــت جــزءا ُ مــن سياســة ممنهجــة بتوجيــه مــن أعلــى الرتــب فــي النظــام الســوري وبموافقتهــم وإشــرافهم – وهــي تصــل إلــى مســتوى الجرائــم ضــد الإنســانية.

– يمكــن لمحكمــة العــدل الدوليــة الآن النظــر فــي أعمــال التعذيــب المرتكبــة فــي ســوريا فــي إطـار مفهـوم مسـؤولية الدولـة – وهـو مـا سيسـمح بإسـناد أعمـال التعذيـب وسـوء المعاملـة والإخفـاء القسـري والعنـف الجنسـي مباشـرة إلـى سـوريا ككيـان دولـة. ويمكـن أن تكـون لهـذه النتيجــة أهميــة قصــوى فــي معالجــة مســاعي التطبيــع التــي تقودهــا البلــدان، ولا ســيما مــن المنطقـة العربيـة والـدول المجـاورة، وفـي التعامـل مـع الامبـالاة التدريجيـة للمجتمـع الدولـي ّ إزاء النظـام السـوري. لا بـل إن أهميتهـا تفـوق ذلـك فـي ضـوء الخطـاب المسـتمر بشـأن عـودة اللا جئيــن إلــى ســوريا وترحيلهــم مــن قبــل الــدول المجــاورة و غيرهــا فــي انتهــاك لمبــدأ عــدم الإعــادة القســرية.

– نحـن منظمـات المجتمـع المدنـي السـوري والمنظمـات الدوليـة الموقعـة أدنـاه نرحـب أيضـا بافتتــاح جلســات الاســتماع العلنيــة بشــأن التدابيــر المؤقتــة، والتــي كان مــن المفتــرض أن تعقــد أول مــرة يومــي 19 و 20 تموز/يوليــو، إلا أنهــا تأجلــت إلــى تشــرين الأول/أكتوبــر 2023  بنــاء علـى طلـب النظـام السـوري. فـي هـذا الصـدد، نـود أن نسـلط الضـوء علـى أن النظـام السـوري قـد تاعــب فــي الســابق بالعمليــات السياســية وعمليــات المســاءلة وأوقفهــا لتجنــب المواجهــة فيمــا يتعلــق بانتهــاكات حقــوق الإنســان المرتكبــة فــي ســوريا ونظــرا للطبيعــة الملحــة التــي تتســم بهــا التدابيــر المؤقتــة لضحايــا التعذيــب والتــي تحافــظ علــى الأرواح، فإننــا ندعــو المحكمــة إلــى شــرح الأســاس المنطقــي وراء التأجيــل وإعــادة التفكيــر فــي هــذا القــرار. بعــد أكثـر مـن عقـد علـى التعذيـب, لا يمكـن لضحايـا التعذيـب فـي سـوريا الانتظـار أكثـر مـن ذلـك. للمضــي قدمــا، ندعــو المحكمــة والأطــراف المعنيــة إلــى اتخــاذ التدابيــر الازمــة لحمايــة هــذه القضيــة مــن تكتيــكات التاعــب التــي يتبعهــا النظــام الســوري.

– وفـي هـذا الصـدد، ونظـرا للتأثيـر المؤذي للتأجيل على الضحايـا، ندعو المحكمة والأطـراف المعنية إلى اتخـاذ التدابيـر الازمـة لضمـان وصـول أفضـل إلـى المعلومـات ومشـاركة أكثـر جـدوى من قبـل الضحايا والناجيـن في الخطـوات المقبلة.

-نرحــب بحقيقــة أن بإمــكان المجتمــع المدنــي الســوري والضحايــا وعمــوم الســوريين متابعــة الإجـراءات مـن خـال البـث المباشـر لجلسـات الاسـتماع العلنيـة والوصـول المباشـر إلـى الوثائـقُّ والمعلومـات بشـأن القضيـة. لكـن مـع توفـر مـواد القضية وبـث الجلسـات باللغتيـن الإنجليزيةً والفرنسـية فقـط، يجـب أن تجـد المحكمـة والأطـراف ذات الصلـة طرقـا أكثـر فعاليـة لضمـان الوصـول الكامـل إلـى المعلومـات للمجتمـع المدنـي السـوري والجمهـور الأوسـع (علـى سـبيلُ المثـال, مـن خـال ضمـان التغطيـة باللغـة العربيـة لجلسـات الاسـتماع.) وإذ يعـرب المجتمـع المدنــي الســوري عــن أســفه لعــدم إتاحــة الحصــول علــى المعلومــات فــي مســاعي المســاءلةّ الســابقة، فإننــا نحــث المحكمــة والأطــراف ذات الصلــة علــى ضمــان وصــول أكثــر فعاليــة وّ شــمولية للمعلومــات و نحــث ّ مبــادرات المســاءلة المســتقبلية علــى اتبــاع النمــوذج الــذي وضعتــه المحكمــة لضمــان اتخــاذ تدابيــر مماثلــة فــي مســاعي العدالــة المســتقبلية.

– وفــي ذات الســياق، ندعــو هولنــدا وكنــدا إلــى ضمــان تمثيــل ومشــاركة أكثــر جــدوى للمجتمــعِ المدنـي السـوري والضحايـا والناجيـن مـن التعذيـب فـي الخطـوات المقبلـة مـن الإجـراءات. ولئـنُ كانـت قضيـة هولنـدا / كنـدا المرفوعـة ضـد سـوريا منازعـة بيـن دول، فمـن المهـم التأكيـد علـى لحاجـة إلـى اعتمـاد نهـج أكثـر شـمولا ُّ وتشـاركية لمبـادرة العدالـة هـذه التـي اتخـذت نيابـة عـنُّ الضحايـا. وعليـه فإننـا نحـث ُ علـى مزيـد مـن الوصـول إلـى المعلومـات بشـأن القضيـة ومـايحـرزّ مـن تقـدم فيهـا، وعلـى ضمـان تمثيـل الضحايـا و الناجيـن مـن التعذيـب وإشـراكهم فيهـا إلـىٍّ أقصـى حـد ممكـن قبـل جلسـات الاسـتماع المقبلـة فـي تشـرين الأول/ أكتوبـر

-يأتــي بــدء الإجــراءات بشــأن أعمــال التعذيــب أمــام محكمــة العــدل الدوليــة تأكيــدا لمــا يعرفــه الشـعب السـوري منـذ عقـود، وهـو أن سـوريا دولـة تعذيـب. نعـرب عـن ترحيبنـا بالبـدء الرسـميّ لمبـادرة العدالـة هـذه ونكـرر التأكيـد على أن ُ مسـتقبل سـوريا لا يمكـن أن يبنى إلا علـى الاعتراف بمـا تعـرض لـه الضحايـا والناجـون وبحقوقهـم، ولا بـد أن يرتكـز علـى المسـاءلة والعدالـة عـنالجرائــم المرتكبــة فــي العقــد الماضــي ومســتمرة حتــى الأن وأخيــرا، نســلط الضــوء علــى الــدور الطــارئ والمنقــذ للحيــاة الــذي يمكــن أن تضطلــع بــه التدابيــر المؤقتــة مــن خــال وضــع حــد لاســتخدام التعذيــب ومعانــاة الضحايــا، ولذلــك ندعــو المحكمــة إلــى أن تضــع مصالــح الضحايــا وأولئـك الذيـن لا يـزال مـن الممكـن إنقاذهـم فـي صلـب تركيزهـا.